ينعقد بينها وبين زوجها عقد إجارة، لأن منافعها في كل وقت مستحقة للزوج بعقد النكاح فيما يرجع إلى أحكام الوطء وتوابعه، وإذا ملك جميع المنافع لم تنعقد الإجارة، كما لو استأجر غيره لعمل شهرا ثم استأجره للعمل ذلك الشهر بعينه فإن الثاني باطل على ما قدمناه في باب الإجارة، وإن كانت مطلقة طلاقا لا يملك الزوج الرجعة فيه فلها أن تعقد على نفسها لرضاع ولدها -: إن كلام أبي حامد قوي، وبه أفتي، وعليه أعمل، لقوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) فأوجب لها الأجرة إذا أرضعته، ولم يفصل بين من هي في حباله أو بائن عنه، وهو الظاهر من أقوال أصحابنا، أعني: استحقاقها الأجرة، وصحة العقد عليها للرضاع، سواء كانت بائنا عنه أو في حبال زوجها، إلا أنه لا يجبرها على الرضاع. وهذا اختيار السيد المرتضى. والذي اخترناه مذهبه في نهايته، وهو المنصوص عن الأئمة الأطهار - عليهم السلام - (1).
والوجه صحة الاستئجار، سواء كانت الزوجة في حباله أو لا، وأن الزوجة أحق برضاع الولد إذا طلبت ما يطلبه الغير من الأجرة، سواء كانت زوجة أو مطلقة بائنا أو رجعيا، ولو تبرع الغير كان للأب نقله عنها إذا لم ترض بالتبرع.
وكلام أبي حامد ليس بجيد، والذي اختاره ابن إدريس ليس هو كلام أبي حامد، لأن أبا حامد أوجب لها الأجرة مع وجود المتبرع، ومنع من النقل عنها.
واستدلال الشيخ في المبسوط (من تملك الزوج منافعها) (2) ممنوع، وتملك وجوه الاستمتاع لا يقتضي تملك الاسترضاع، والمنع جائز إذا اختاره.