وأشكو اليه تارة حرقة النوى * كما يشتكي صب إلى واله صب أأحبابنا ما هذه شيمة الحب * هجرتم بلا عتب وجرتم بلا ذنب بعدتم وكنا يوم كنا وكنتم * رضيعي لبان لا نمل من القرب سرت بكم أيدي الركائب خلسة * وكنتم لدى المسرى مصابيح للركب أناطوا عليكم في السرى حجب البلى * وكنتم بحورا لا تكفف بالحجب أناخوا إلى تعريسة ليس بينها * وبين البلى شئ سوى مطرح الجنب يودع منكم كل ترب فؤاده * ويودعه فيما يهال من الترب اللمأزق الضنك استقدتم ولم يكن * تفسح ذاك الضيق بالخلق الرحب وفي الموطن الأقصى الجديب سكنتم * فهلا بقلب في محبتكم خصب؟
أراني وقد سارت وزمت حمولهم * إلى منزل لولا فواضلهم جدب لكا لطائر المحصوص منه جناحه * يهم فلا يستطيع شيئا سوى الوثب يرى فرخه المصطاد في كف غاشم * بقفر بلا ماء لديه ولا حب فما هو الا ناظر الطرف واجم * واحشاؤه تغلي من الروع والرعب أبا جعفر يا من إذا العضب خانني * وضعت يدي منه على صارم عضب ومن أن دهت قلبي ضروب من الأسى * توقيت عنها منه بالرجل الضرب أجدك أرشدني لصحب أودهم * فقد قل لما بنت عن ناظري صحبي أأصحب من بالود يخفي لي القلا * ويجعل صدق القول نهجا إلى الكذب ويبدي صفاء تحته الكدر الذي * تعودت ان لا يغتدي كأسه شربي يزينك منه المدح ما دمت شاهدا * فان غبت عنه شأن عرضك بالثلب الا لا ترجي منه شكرا لنعمة * وهل تترجى عقرب لسوى اللسب أرى الدهر حربا للكرام وآيتي * على كرمي ان الزمان اغتدى حربي ثني صرفه نحوي كتيبة غدره * فأودى بفرد دثاب عن جحفل لجب أخي أدبا لكنما هو والدي * حنوا وفي الاذعان لي ولدي الصلبي تمثله الذكرى لعيني فتنثني * على ذلك التمثال معقودة الهدب وتبصره في الوهم نورا فتغتدي * لاشراقة الموهوم سافحة الغرب فطورا أحييه تحية وامق * وطورا له أشكو شكاية ذي عتب وطورا أحابيه المقال مواربا * حياء لأني لم أشاطره في الكرب أبا جعفر عذرا إليك فإنه * وحقك لم يسلمك بدئي ولا غبي مضيت ولما امض لكن إذا غدا * بقائي من غير اختياري فما ذنبي؟
بحسبك اني لم أجد لك ثانيا * فان أنت ما شاهدت لي ثانيا حسبي بكيتك للعرب الكرام فإنه * بفقدك ولى ذاهبا كرم العرب وللأدب السامي الذي دار حائرا * عليك كدور الفلك يجري على القطب وللخلق الزاكي الذي زانه الوفا * كما زينت بيض المعاصم بالقلب يقولون ابنه وعدد صفاته * ولم يحص من قبلي امرؤ عدد الشهب رأوا ان نظم الشعر سهل فسرهم * ركوبي في المسرى على المركب الصعب أبا لشعر اقضي واجبا قد زعمتهم * لندب عليه لا امل من الندب ولو انني نظمت آراب مهجتي * قريضا لما قضيت أو نلت من إرب وما نظمي الأشعار الا تعلة * وبثا لحزن ضاق عن حمله قلبي فها انا لا أطريه لكن أبثه * حنيني كترب حن شوقا إلى ترب وكيف يطيق المدح والنوح ثاكل * يروح ويغدو مستهاما بلا لب إذا نفسه فاءت اهاب بها الجوى * وان سكنت قال الزفير لها هبي ترف رفيف (الفخت) ريعت فلم يطق * من الروع تغريدا على غصنها الرطب وقال الشيخ عبد الحسين الحلي يرثيه أيضا للمرة الثانية:
يا ليت أحبابنا يوم النوى رمقوا * جسمي أهل بي من فرط الجوى رمق وليتهم يوم جد البين واحتملوا * أوحوا إلي بانا سوف نفترق ما ضر لو أنها عاجت ركائبهم * علي ثم إذا شاءوا بي انطلقوا ما ضر لو أنهم في بينهم سعدوا * إذا أراحوا لتوديع الذين شقوا عمري لو أنهم عاجوا لنم بهم * منهم على البعد عرف العنبر العبق من لي بشق طريق نحوهم فلقد * سدت امامي بفيض الأدمع الطرق وكيف تبصرهم عيني ومقلتها * فيما تصوب به انسانها غرق قد أعنقت بهم الحدباء مسرعة * يا ليتها دق منها الصلب والعنق لو أنها عقلت من فوق غاربها * ما انفك للسير عن أرساغها الوهق لو خبرتني باخبار الذين مضوا * أشجيتها بأحاديث الذين بقوا تماسكوا وهم أرسى حجى وعلوا * على النوائب الا انهم صعقوا ولا غرابة ان ساخت حلومهم * فإنهم من حديد الأرض ما خلقوا ان الرياح إذا هزت عواصفها * دوحا تناثر قسرا حوله الورق ما لي أرى هذه الآفاق شاحبة * أهل ترى لمصاب يحزن الأفق؟
وما لهذي الدراري لا تقر على حال أهل يعتريها الهم والقلق؟
وما لأحداقها في الناس شاخصة * أبينهم فقدت انسانها الحدق؟
قالوا جزعت ومن لي ان يطاوعني * صبر توزعنه الأرزاء والحرق أومى إلي وقد سارت ظعونهم * مودعا ثم ولى وهو منطلق قالوا حزنت ومن لي ان يبارحني * اليم حزن عليه القلب منطبق حزنت والحزن من أهل الحجى كمد * في النفس يظهره في المضجع الأرق ولا يضير اسود الغاب ان حزنت * ما لم يلم بها ذعر ولا رهق أحبابنا لا بعدتم عن دياركم * ولا علا فوقها من وحشة غسق هيهات أفرق من رزء بغيركم * من بعدكم دام رزئي و انتهى الفرق ذكرتكم ظامئا والماء ملء فمي * فما علمت سوى اني به شرق قد راعني ان عيشي اسود بعدكم * ولم يرعني هذا الأبيض اليقق وشفني انني ما شمت طيفكم * ليلا وما شف جسمي أنني ارق أدمت حشاشتي الأرزاء بعدكم * فاعجب لها كيف تندى وهي تحترق!
ما خلت انا وقد شابت ذوائبنا * على المودة قبل الموت نفترق ما خلت ان عهودا بيننا سلفت * في ساعة بالردى تمحى وتنسحق ما خلت ان القضا الجاري يؤخرني * فيمن لورد الردى أحبابه سبقوا ما خلت اني أبقى بعدهم فأرى * عرج الضباع مع الآساد تستبق لقد تسافلت الأيام حين غدت * أذنابها هي والأعناق تتسق هيهات يصلح منها فاسد ابدا * وهل يعود جديدا مطرف خلق؟
سمعا أبا جعفر مني مقال أخ * ما في مودته كذب ولا ملق سبقتني واراني غير مبتعد * الا بمقدار ان يغدو لك السبق إذا ابتعدنا فان البعد يزلفنا * أو افترقنا فانا سوف نتفق كم حلبة بك للآداب قد نشطت * وموكب بك للعلياء يتسق كنا إذا ما تسابقنا لها فرقا * جليت أنت وصلت خلفك الفرق إذا تخلق يوما بالوفا أحد * فإنه بك يا رب الوفا خلق وان تصنع للجود امرؤ شهدت * كفاك انك من طبع به خلق محسد بخلال لا يخالطها * بطبعها حسد للناس أو حنق عف السريرة ما زالت ضمائرها * تبدو كما انشق في صدر الدجى فلق ان خصه الجدب عاما سر خاطره * ان الأنام جميعا أخصبوا وسقوا لهفي له وعليه كلما نظرت * عيني لآثاره في الفضل تأتلق