جهده فيهما وقد تميز بالترسل والبيان حتى سمع من غير واحد من رجال الفن انه اكتب كتاب هذه الديار وذلك على الأساليب العربية القديمة ورسائله معروفة مشهورة وله من المجاميع الدر المعثور على صدور الدهور وهو مجموع رسائله ومكاتباته وله ديوان شعر ولكنه فقد أخيرا فيما فقد من المسودات الخطيرة الخاصة به بسبب الكوارث الداخلية التي المت بالبلاد أخيرا على أن كثيرا من شعره مما يتناقله الرواة وقد نشرت له المجلات قليلا من القصائد والمقاطيع ولقد اعرض عن النظم والكتابة في أواخر حياته حيث أقام في الكرادة الشرقية وهي ضاحية من ضواحي بغداد المعروفة وذلك بين أولاده وأحفاده في كرامة موفورة.
وذكره الشيخ علي الجعفري في كتابه الحصون المنيعة في طبقات الشيعة فقال: تتلمذ في أصول الفقه على السيد عبد الكريم الأعرجي الكاظمي حين اقامته في النجف وعلى السيد مهدي الحكيم وفي الأدب على الشيخ محسن ابن الشيخ خضر والسيد محمد سعيد الحبوبي (انتهى) وقال الأستاذ جعفر الخليلي صاحب جريدة الهاتف النجفية ما حاصله: كان اسمه من الشهرة بحيث لا أذكر اسم الأدب بجميع فنونه الا وكانت له من المناسبة ما تجعل الاتصال وثيقا باسم الشبيبي الكبير وكان عدد أدباء العربية الموهوبين في عصره كبيرا جدا وعلى كبر هذا العدد فقد كان في الرعيل الأول من المتفوقين والعباقرة وقد كنت اعلم أنه من رواد مجالس آل الشيخ عباس الجعفري والسيد علي العلاق والسيد حسين القزويني ومن أقران الشيخ هادي ابن الشيخ عباس الجعفري والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ عبد الحسين الجواهري والشيخ آقا رضا الأصفهاني والسيد علي العلاق والسيد جعفر الحلي والسيد باقر الهندي وكنت اعلم أن لهؤلاء تاريخا حافلا بالفضيلة والكرامة واليهم يرجع الفضل في بناء النهضة الأدبية وكذلك له مع الطبقة التي تليهم كالشيخ عبد الحسين الحلي والشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي والشيخ عبد الحسين الحياوي وغيرهم وله مع هذه الطبقات نوادر ونكات غاية في الرقة ومساجلات شعرة كثيرية وكان هو المجلي في شعره ونثره ونوادره وسرعة خاطره (انتهى).
بعض نوادره في جريدة الهاتف: قال له بعض العلماء لا تنس ان ولدت سنة وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري فقال واي شئ في ذلك فقال إن تاريخ وفاته بحساب الجمل (ظهر الفساد) فقال له وأنت من الذين ولدوا في ذلك التاريخ فيما أذكر قال لا بل انا ولدت قبل وفاته بأربع سنين فقال فإذا تاريخ ولادتك (ظهر الفسا). وبلغه ان الشيخ جواد عليوي وقد ثنى على الثمانين تزوج بفتاة صغيرة وانه يعالج نفسه بالأدوية فكتب إلى بعض أصدقائه يقول:
(جوادك) من بعد الثمانين صاهل * فمن ذا يجاريه ومن ذا يطاول وقائلة ما ذا تحاول نفسه * فقلت لها فتح الحصون تحاول فقالت أبا لسيف الذي هو حامل * وما سيفه في الروع الا حمائل ومن عجب ان الصياقل لم تكن * تعالجه بل عالجته الصيادل أشعاره له شعر كثير جيد وقد سمعت ان له ديوان شعر وانه فقد ولكن في مجلة الحضارة ان المهم من شعره قد عني بجمعه قريبه الشاعر السيد محمود الحبوبي (النجفي) ولا يزال محفوظا ومخطوطا عنده وهو يربو على 2500 بيت من عيون الشعر ومختاراته (انتهى) فمن شعره قوله في الناقة:
دعها تلفت فلا بنفف * لتجوبها حزنا وصفصف حرف تكاد لضعفها * من خط سطر الركب تحذف ان أذملت فقل الظليم * لمرتمى البيداء قد زف تستل من نفس الصبا * روحا بجسم البرق تقذف وتلوح في لجج السراب * كأنها صرح مسجف ومنها في القلم:
أمقف القلم الذي * من دونه الرمح المثقف تجري سلافة ريقه * فتعبها الأفكار قرقف ورد الفصاحة لم يكن * لولاه بالاملاء يقطف جوف العدو يضيف من * نفثات ارقمه المجوف فكأنه قلم القضا * ان جر يوما ما توقف وقوله من قصيدة:
أيا ظبي الصريم عضى فؤادي * مقيلك حيث تأوي لا الصريم جرى فيك الغرام على اختلاف * فصبر ظاعن وجوى مقيم وشوق صح في قلب سقيم * به من لحظك الماضي كلوم سرى من مقلتيك له سقام * فاعداه وقد يعدي السقيم أيطعنني قوامك وهو خوط * ويصرعني هواك وأنت ريم وقوله من قصيدة:
أعقيق ما شفه الحسن أم فم * شق قلب البروق لما تبسم وعلى وجنتيك خط يراع * الحسن حرفا بمسكة الخال معجم أيها المجتلي المحيا أبدرا * مشرقا قد جلوت من مطلع التم أم صفات الضيا تجلت فشمنا * أنجما من توقب النجم أنجم وقال في ذكرى القادسية:
يا عرب أين جيادكم وهي التي * لم يثنها في الروع جذب عنان المنجبات اللقب تحمل غلمة * الفوا عناق معاطف المران والجاعلات من السبيب مراوحا * يخفقن فوق مناكب الفرسان يحملن مردا لا يداف خضابهم * الا بمطروق النجيع القاني سل عن مواكبها التي كم غيرت * ما بين ذي قار إلى حلوان يخبرك (يوم القادسية) كم لها * اثر يرق بصفحة الإيوان قادت مداينه وكم من معقل * ينقاد للتسليم والاذعان واستبدلت عصف الهياج بأرضها * عن دوح ذاك العصف والريحان وغدت مراقب للنسور مع الطلى * بين التلاع الحر والكثبان واستعبد العرب الغطارف فرسها * فهوت مرازبهم إلى الأذقان سجدت ونيران الوغى حمر الظبا * للسلم لا لعبادة النيران يا من يفر ولا مفر لهارب * وطات قراه كتيبة الحدثان سيدور دهر الغافلين عن القضا * والدهر كالأفلاك ذو دوران سل قنة الإيوان فارغة الذرى * ان كان تنطق قنة الإيوان أين استقل العدل يخنق بنده * من بعد ناشره أنوشروان أم أين هرمزه وقادة جيشه * أم أين ما تركت بنو ساسان أين البساط تفننت بصنيعة * أيد نسجن بأبدع الألوان ما بين ياقوت وبين زمرد * حسك ربطن الدر بالمرجان