كبير من النكارية والبربر فزحف إليهم وتناور الفريقان ثم بيته أيوب فاستباح معسكره وتردى علي بن حمدون من بعض الشواهق فهلك سنة أربع وثلاثين وثلثمائة ولما انقضت فتنة أبى يزيد عقد المنصور على المسيلة والزاب لجعفر بن علي بن حمدون وأنزله بها وأخاه يحيى واستجدوا بها سلطانا ودولة وبنوا القصور والمنتزهات واستفحل بها ملكهم وقصدهم بها العلماء والشعراء وكان فيمن قصدهم ابن هانئ شاعر الأندلس وأمداحه فيهم معروفة مذكورة وكان بين جعفر هذا وبين زيرى بن مناد عداوة جرتها المنافسة والمساماة في الدولة فساء أثر زيرى فيه عند صدمته للمغرب وفتكه بزناتة وسعوا به إلى الخليفة وألقح له في جوانحه العداوة فكانت داعيته إلى زناته وتولى محمد بن خزر أمير مغراوة ثم إن المعز لما اعتزم على الرحيل إلى القاهرة سنة ثنتين وثلثمائة استقدم جعفرا فاستراب جعفر ومال بعسكره إلى زناتة قبل قدومه وانقطعت الرسائل بينه وبين صنهاجة والخليفة المعز وشملت عليه زناتة قبل قدومه واجتمعوا عليه ودعا إلى نقض طاعة المعز والدعاء للحاكم المستنصر فوجدهم أقدم إجابة لها وناهضهم زيرى الحرب قبل استكمال التعبية فكانت عليه من أمراء زناتة فكبا بزيرى فرسه فطاح فقصوا رأسه وبعثوا به مع جماعة من زناتة إلى الحاكم المستنصر فكرم الحاكم وفادتهم نصب رأس زيرى بسوق قرطبة وأسنى جوائز الوفد ورفع منزلة يحيى ابن علي وأذن لجعفر في اللحاق بسدته ولما علمت زناتة أن يوسف بن زيرى يطالبهم بدم أبيه أظهروا العذر به ورأى أن تجنب شفاهم إلى ذات يده وعجز رؤساؤهم عن الذهب والدفاع عنها وقبض الأيدي عن تناوله لدنو الفتنة ومراس العصبية فأوجس الخيفة في نفسه وألطف الحيلة في الفرا رغبة بحيلته وشحن السفن بما معه من المال والمتاع والرقيق والحشم وذخيرة السلطان وأجاز البحر ولحق بسدة الخلافة من قرطبة وأجاز معه عظماء الزناتيين معطين الصفقة على القيام بدعوته والاحتطاب في جبل طاعته فكرم مثواه وأجمل وفادتهم وأحسن منصرفهم وانقلبوا لمحبته والتشيع له ومناغاة الأدارسة؟؟ في خدمته بالمغرب الأقصى وبث دعوته وتخلف عنهم أولاد علي بن حمدون بالحضرة وأقاموا بسدة الخلافة ونظموا في طبقات الوزراء وأجرت عليهم سنيات الارزاق والتحقوا على حديث عهدهم بالقوم من أولياء الدولة ثم كان بعد ذلك شأن اعتقالهم على طريق التأديب لمرتكب من نازعهم خرقوا به حدود الآداب مع الخلافة فاستدعوا إلى القصر واعتقلوا ثم أطلقوا لأيام قلائل لما انغمس الحكم في علة الفالج وركدت ريح المروانية بالمغرب واحتاجت الدولة إلى رجالهم لسد الثغور ودفع العدو واستدعى يحيى بن محمد بن هاشم من العدوة وكان
(٨٣)