والحاشية من العرب وأوربا وسائر البربر وصنائع الدولة وبايعوه غلاما مترعرعا وقاموا بأمره وأحسنوا كفالته وطاعته فكانت أيامه خير أيام وهلك سنة أربع وثلاثين لثلاث عشرة سنة من ولايته وعهد لأخيه يحيى بن محمد فقام بالأمر وامتد سلطانه وعظمت دولته وحسنت آثار أيامه واستجدت فاس في العمران وبنيت بها الحمامات والفنادق للتجار وبنيت الارباض ورحل إليها الناس من الثغور القاصية واتفق ان نزلتها امرأة من أهل القيروان تسمى أم البنين بنت محمد الفهري وقال ابن أبي ذرع اسمها فاطمة وانها من هوارة وكانت مترية بموروث أفادته من ذويها واعتزمت على صرفه في وجوه الخير فاختطت المسجد الجامع بعدوة القرويين أصغر ما كان سنة خمس وأربعين في أرض بيضاء كان أقطعها الامام إدريس وأنبطت بصحنها بئرا شرابا للناس فكأنما نبهت بذلك عزائم الملوك من بعدها ونقلت إليه الخطبة من جامع إدريس لضيق محلته وجواريته واختط بعد ذلك أحمد بن سعيد بن أبي بكر اليغرني صومعته سنة خمس وأربعين وثلثمائة على رأس مائة سنة من اختطاط الجامع حسبما هو منقوش في الحجارة بالركن الشرقي منها ثم أوسع في خطته المنصور بن أبي عامر وجلب إليه الماء وأعدله السقاية والسلسلة بباب الحفاة منه ثم أوسع في خطته آخر ملوك لمتونة من الموحدين وبنى مرين واستمرت العمارة به وانصرفت هممهم إلى تشييده والمنافسات في الاحتفال به فبلغ الاحتفال فيه ما شاء الله حسبما هو مذكور في تواريخ المغرب وهلك يحيى هذا سنة وولى ابنه يحيى به يحيى فأساء السيرة وكثر عبثه في الحرم وثارت به العامة لمركب شنيع أتاه وتولى كبر الثورة عبد الرحمن بن أبي سهل الحزامي وأخرجوه من عدوة القرويين إلى عدوة الأندلسيين فتوارى ليلتين ومات أسفا لليلته وانقطع الملك من عقب محمد بن إدريس وبلغ الخبر بشأن يحيى إلى ابن عمه علي بن عمر صاحب الريف واستدعاه أهل الدولة من العرب والبربر والمولى فجاء إلى فاس ودخلها وبايعوه واستولى على أعمال المغرب إلى أن ثار عليه عبد الرزاق الخارجي خرج بجبال مديونة وكان على رأى الصفرية فزحف إلى فاس وغلب عليها ففر إلى أروية وملك عبد الرزاق عدوة الأندلس وامتنعت منه عدوة القرويين وولوا على أنفسهم يحيى بن القاسم بن إدريس وكان يعرف بالصرام بعثوا إليه فجاءهم في جموعه وكانت بينه وبين الخارجي حروب ويقال انه أخرجه من عدوة الأندلس واستعمل عليها ثعلبة بن محارب بن عبد الله كان من أهل الريض بقرطبة من ولد المهلب بن أبي صفرة ثم استعمل ابنه عبد الله المعروف بعبود من بعده ثم ابنه محارب بن عبود بن ثعلبة إلى أن اغتاله الربيع بن سليمان سنة ثنتين وتسعين
(١٥)