المسألة (الثانية) قد تقدم في كتاب القضاء (1) أن (حكم الحاكم) عندنا (تبع للشهادة، فإن كانت محقة نفذ الحكم ظاهرا وباطنا وإلا نفذ ظاهرا) لا باطنا (وبالجملة الحكم ينفذ عندنا ظاهرا لا باطنا، ولا يستبيح المشهود له ما حكم له إلا مع العلم بصحة الشهادة أو الجهل بحالها) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2): " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حق أخيه بشئ فلا يأخذ به، فإنما أقطع له قطعة من النار ".
خلافا لأبي حنيفة فحكم باستباحة المحكوم له وإن علم بطلانه، من غير فرق بين المال والبضع، وقد خالف في ذلك ضرورة المذهب أو الدين، خصوصا في ما اقتضى نكاح المحارم ونحوها، ولا غرو فكم له من مثل ذلك.
ومن الجهل بحال الشهادة ما لو شهد له شاهدا عدل بحق لا يعلم به، وحينئذ جاز له أخذه بحكم الحاكم، لأن شهادة العدلين طريق شرعي ما لم يعلم الفساد، نعم لو توقف الثبوت بهما على يمين - كما إذا كان المشهود عليه بدين ميتا - لم يجز له الحلف بشهادتهما، بناء على اعتبار العلم فيه حسا لا شرعا على نحو ما سمعته في الشهادة (3).