كون تلك الحيثية من عوارض الموضوع وزائدة على ذاته.
فعلى هذا إن كانت هذه الحيثية عين ذات الموضوع كان صدق المشتق عليه بنحو الحقيقة أيضا، فصدق العالم والقادر وسائر الصفات الثبوتية على الله تعالى بنحو الحقيقة وإن كانت مباديها عين ذاته، كما هو مختار أهل الحق خلافا للأشاعرة، حيث توهموا أن الصفة يشترط فيها أن تكون من عوارض الموصوف، فحكموا بكون صفاته تعالى زائدة على ذاته، وبكونها قديمة كذاته تعالى حتى لا يلزم خلوه عنها في زمان، وعلى قولهم تكون القدماء ثمانية: الذات وسبع من الصفات، وقد قال الإمام الرازي: إن علماءنا حكموا بكفر المسيحية، لما اعتقدوه من الأقانيم الثلاثة، وهم قد اختاروا كون القدماء ثمانية، ومع ذلك يعدون أنفسهم موحدين. ولما رأى المعتزلة بطلان القول بتعدد القدماء، كما هو مختار الأشاعرة، ولم يجوزوا القول أيضا بكونه تعالى في وقت من الأوقات جاهلا أو عاجزا مثلا، ولم يتصوروا أيضا ما هو الحق المحقق من كونه صفاته عين ذاته، احتاجوا إلى القول بالنيابة فقالوا: إن صفاته حادثة وإنه تعالى قبل حدوث هذه الصفات له وإن لم يكن موصوفا بهذه الصفات، ولكن ذاته كانت نائبة عن هذه الصفات، فكانت الأشياء منكشفة له مثلا من دون أن يثبت له وصف العلم، قال في المنظومة:
والأشعري بازدياد قائلة وقال بالنيابة المعتزلة والحق عندنا كما مر أن صفاته عين ذاته وأن صدق المشتقات عليه تعالى بنحو الحقيقة إذ المناط في صدق المشتق ليس إلا تحقق حيثية المبدأ، ولا يشترط زائدا على ذلك كونه زائدا على الذات، فليس معنى عالميته مثلا إلا وجود ما هو حقيقة العلم له، وهي انكشاف الأشياء له وحضورها لديه، وليس العلم سوى الانكشاف التام، وكذلك لا معنى لقدرته إلا كونه بذاته بحيث يصدق عليه أنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، وليس شرطا في صدق القادر كون القدرة موجودة بحيالها في قبال وجود الذات، وكذلك معنى القديم ليس إلا أن الذات لا مبدأ لوجودها، وليس شرطا في صدقه كون القدم شيئا موجودا بحياله، وكذلك الحياة فان معناها كون الذات بحيث تترتب عليها آثارها المطلوبة منها من العلم والقدرة وسائر الصفات والافعال، و قس عليها سائر الصفات، مثلا إن قلت: (زيد شجاع) فليس معناه أن زيدا شي، وأن الشجاعة شي آخر موجود بحياله، بل معناه، أن ذات زيد تكون بحيث تصدر عنها آثار القوة، وليست قوتها موجودة بوجود زائد على وجودها، فتدبر