كالمعرفة، وليسم منجزا، وإلى ما يتعلق وجوبه به ويتوقف حصوله على أمر غير مقدور له، وليسم معلقا كالحج، فإن وجوبه يتعلق بالمكلف من أول زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة، ولكن يتوقف فعله على مجئ وقته، وهو أمر غير مقدور للمكلف. والحاصل، ان الواجب المعلق ما كان حصوله متوقفا على أمر غير مقدور للمكلف، كالوقت من غير أن يكون الوجوب مشروطا به، فالوجوب بالنسبة إلى هذا الامر مطلق والواجب مقيد.
فإن قلت: الفعل المقيد بوقت استقبالي كيف يكون واجبا مطلقا قبل حصول وقته مع كونه تكليفا بما لا يطاق، فإن الفعل المقيد بوقت استقبالي لا يمكن تحصيله قبل ذلك الوقت، فكيف يتعلق الوجوب به قبله؟.
قلت: ليس مرادنا من ثبوت الوجوب قبل الوقت كون الزمان القبل ظرفا للوجوب والفعل كليهما، بل المراد كونه ظرفا للوجوب فقط فالوجوب حالي والواجب استقبالي.
فإن قلت: إذا كان الوجوب متعلقا بأمر مقيد بوقت استقبالي، فإن كان الوجوب مشروطا بحصول الوقت وإدراك المكلف إياه جامعا لشرائط التكليف فهذا معنى كون الوجوب مشروطا بالوقت، بحيث لا يكون وجوب قبله، وهذا خلاف ما فرضتموه من كون الوجوب حاصلا قبل الوقت، وإن كان الوجوب مطلقا ثابتا على أي حال من دون ان يكون مشروطا بالوقت غاية الأمر كون متعلقه أمرا استقباليا كان لازم ذلك ثبوت الوجوب حتى بالنسبة إلى من لا يدرك الوقت أو يدركه غير قادر على الفعل.
قلت: الوجوب بالنسبة إلى نفس الوقت مطلق غير مشروط به، فهو حاصل قبله، ولكنه مشروط بأمر انتزاعي ينتزع عن إدراك المكلف الوقت واجدا لشرائط التكليف، وهذا الامر الانتزاعي مقارن للوجوب وإن كان المنتزع عنه متأخرا عنه، وبعبارة أخرى: ما هو شرط للوجوب ليس هو الوقت بل هو عبارة عن كون المكلف بحيث يدرك الوقت قادرا على العمل، فمن لا يدرك الوقت أو يدركه عاجزا عن العمل لم يتوجه إليه الوجوب من أول الأمر، ومن يدركه قادرا على العمل كان الوجوب ثابتا له من أول الأمر قبل حصول الوقت لحصول شرطه، أعني الامر الانتزاعي المشار إليه.
وبالجملة: الوجوب في الواجب المعلق مطلق بالنسبة إلى نفس الوقت ومشروط بالنسبة إلى الامر الانتزاعي.
ثم قال (قده) ما حاصله: إنه من هذا القبيل كل واجب مطلق توقف تحصيله على إتيان