الواجب بأمر اختياري مع إطلاق الوجوب يستلزم سراية الوجوب إليه على القول بالملازمة، بل وعلى القول بعدمها بناء على ما تقدم من كون القيد كالجز في كونه واجبا بنفس وجوب المقيد، فكيف يمكن عدم وجوب القيد مع وجوب المقيد؟ وهذا واضح.
نعم يستفاد من تقريرات بعض أفاضل تلامذة الشيخ (ره) وجه آخر لعدم سراية الوجوب إليه، وهو أنه كما يمكن أن يكون فعل ذا مصلحة مطلقا، ويمكن أن يكون ذا مصلحة إذا وجد متعلقا للتكليف كالعبادات، كذا يمكن أن يكون ذا مصلحة إذا وجد غير متعلق للتكليف، إما بتمامه أو ببعض قيوده ومقدماته، وحينئذ لا بد من عدم الامر به مطلقا إن كان عدم التكليف به بقول مطلق دخيلا في ترتب المصلحة عليه، أو الامر به مع عدم إسراء الايجاب إلى القيد إن كان عدم التكليف بالقيد معتبرا في ترتبها وحينئذ لا بد من عدم سراية الوجوب إلى القيد لكونه نقضا لغرضه، وهو أيضا لا يخلو عن الاشكال، لأنه إن فرض كون الغرض والمصلحة مترتبا على الفعل المقيد بالقيد الذي يوجد قيده غير متعلق للتكليف، لزم عدم الامر بالمقيد، إذ تعلقه به مستلزم لكون القيد متعلقا له بناء على كونه كالجز. نعم بناء على كونه كالمقدمات العقلية الخارجية وإرجاع المقيد إلى عنوان بسيط موقوف على وجود القيد توقف المعلول على علته، أمكن دعوى عدم السراية، بدعوى أن الملازمة إنما تكون بين وجوب الشئ ووجوب مقدماته إذا كانت قابلة له، وفيما نحن فيه ليست المقدمة قابلة له، لكونها مقيدة بعدم الامر، فيلزم من وجوبها اجتماع النقيضين. لكن لا يخفى أن الامر بالمقيد، وإن لم يسر إلى القيد بأحد الوجهين، لكن العقل يحكم بلزوم إتيانه لاطاعة إيجاب ذي المقدمة والتخلص من تبعه مخالفته [1] لان الفرض أنه مطلق فيحكم إرشادا بلزوم تحصيله لتنجز الامر المطلق بما يتوقف عليه و استلزام تركه لامتناع الواجب المطلق المتوقف عليه، وهذا لا يرتفع إلا بدعوى تقييد الوجوب بوجود هذا القيد، ولو بنحو الشرط المتأخر (انتهى ما أردنا نقله عن التعليقة).
[1] والحاصل أنه بعد ما فرض كون الفعل المقيد بالقيد الذي لم يتعلق به التكليف مشتملا على مصلحة، وقد فرض أيضا عدم سراية الوجوب إلى القيد كان شرط القيد هو عدم تعلق التكليف به حاصلا قهرا، فالعبد يتمكن فعلا من إتيان الفعل الواجد للمصلحة الذي أمر به المولى، ولا يلزم أن يكون مقدمته واجبة بالوجوب الشرعي بل اللابدية العقلية كافية في كون المكلف ملزما بإتيانها، ليتمكن بها من ذيها الواجب على نحو الاطلاق. ح - ع - م.