مقدمات يحتاج تحصيلها إلى مرور زمان كالصلاة المشروطة بالطهارة، فمن أدرك الوقت غير متطهر، ثبت عليه وجوب الصلاة من أول الوقت، إن كان بحيث تثبت له القدرة في زمان يمكن فيه تحصيل الطهارة والصلاة بشرائطها، وإن لم يكن كذلك في متن الواقع فليس الوجوب ثابتا له من أول الأمر. ومن هذا القبيل أيضا الواجب الذي توقف حصوله على أمر مقدور للمكلف، ولكن لم يمكن تعلق التكليف بهذا الامر المقدور من جهة كونه محرما شرعيا. [1] وبعبارة أخرى: الواجب الذي توقف حصوله على أمر غير مقدور شرعا، وإن كان مقدورا عقلا كالوضوء من الماء المباح الكائن في الآنية المغصوبة مع الانحصار، فإنه واجب على المكلف من أول الأمر إن كان المكلف - في متن الواقع - ممن يقدم على المعصية و الاغتراف من الآنية المغصوبة (انتهى كلامه (قده) في الواجب المعلق ملخصا).
أقول: والقسم الأخير الذي ذكره (قده) عبارة عن مسألة الترتب المعروفة، وقد اتضح لك من كلامه أن الوجوب في الواجب المعلق ليس مطلقا بنحو الاطلاق، بل هو مطلق بالنسبة إلى الامر الاستقبالي و مشروط بالنسبة إلى الامر الانتزاعي المنتزع عن إدراك المكلف هذا الامر الاستقبالي واجدا لشرائط التكليف، وعلى هذا فعد الواجب المعلق - على نحو الاطلاق - من أقسام الواجب المطلق أمر واضح الفساد، وليس في كلامه (قده) أيضا ما يدل على أنه عده من أقسامه، فالتقسيم إلى المنجز والمعلق في عرض التقسيم إلى المطلق و المشروط، وكأن بعض أفاضل العصر لم يلحظ كلام صاحب الفصول من الصدر إلى الذيل، فتخيل بعضهم أن صاحب الفصول قسم الواجب إلى المطلق والمشروط، ثم قسم المطلق إلى المنجز و المعلق. وتوهم آخر أن صاحب الفصول قسم الواجب ثلاثيا إلى المطلق و المشروط والمعلق، وقد تبين لك أنه ليس هنا تقسيم واحد، بل تقسيمان في عرض واحد، لا يرتبط أحدهما بالاخر. نعم الواجب المعلق على تفسيره (قده) مشروط دائما، لاشتراطه بالامر الانتزاعي المنتزع عن إدراك المكلف الوقت جامعا [1] أقول: تخصيص هذا القسم بالمقدمات المحرمة بلا وجه، لامكان أن يكون الوجوب الحالي متعلقا بأمر توقف حصوله على أمر مقدور للمكلف، ولكن أخذ على نحو لا يتعلق التكليف بهذه المقدمة.
فالوجوب في هذا القسم أيضا مشروط بأمر انتزاعي حالي، وهو كون المكلف بحيث تتحقق له هذه المقدمة حال كونه واجدا لشرائط التكليف حين تحققها له، وهذا مثل أن يقول المولى للعبد: إن كنت ممن يحصل له الاستطاعة في المستقبل فالان يجب عليك الحج وحينئذ يجب تحصيل المقدمات الوجودية غير المعلق عليه، إن كان يعلم بحصوله في ظرفه ح - ع - م.