الثلاث العبادية.
وثالثة: يكون الفعل المقيد بقيد خاص ذا مصلحة بشرط أن لا يكون قيده واقعا تحت الامر، بحيث يكون لكون القيد غير مكلف به دخل في كون المقيد حسنا وذا مصلحة، فلا محالة يجب على المولى في الصورة الثالثة الامر بالقيد بنحو لا يسري إلى قيده ولا يصير تحصيله واجبا، وعلى هذا فيمكن أن يكون مثال الحج ونظائره من هذا القبيل، فالقيد فيها على طريق المعاكسة مع الواجبات التعبدية وقيودها التعبدية، فكما أن للامر والتكليف دخلا في صيرورتها ذات حسن و مصلحة، فكذلك يكون لعدم تعلق التكليف بالقيد دخل - فيما نحن فيه - في صيرورة المقيد بهذا القيد ذا مصلحة، وحينئذ فيجب على المولى الامر بالمقيد المشتمل على المصلحة، ولكن بنحو لا يسري أمره إلى القيد (انتهى).
أقول: وفي بيانه (قده) نظر، إذ كون شي مأمورا به يمكن أن يكون دخيلا في حسنه وصيرورته ذا مصلحة لجواز أن يكون تعلق الامر به موجبا لطرو عنوان به يصير حسنا وذا مصلحة كعنوان الامتثال مثلا، حيث إنه لا ينطبق على فعل إلا بعد كونه مأمورا به وإتيانه بداعي هذا الامر، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإن عدم تعلق الامر لا يعقل أن يكون دخيلا في اشتمال الفعل على المصلحة، وهل يقبل وجدانك أن يكون فعل من الافعال ذا مصلحة ويكون تعلق الامر به موجبا لخروجه من كونه كذلك؟.
وبالجملة: فنحن لا نتعقل أن يكون لعدم التكليف بشئ دخل في كونه ذا مصلحة.
إلفات إلى ما حررناه سابقا:
قد حررنا فيما علقناه سابقا على كفاية شيخنا الأستاذ العلامة (قده) بعض ما يناسب المقام فالأنسب نقله بألفاظه: قوله (دام علوه) فإنه جعل الشئ واجبا على تقدير حصول ذاك الشرط إلخ. أقول: لا يخفى أن هذا التعليل لا يلائم القول بإطلاق الهيئة ورجوع القيد إلى المادة، فإن معناه عدم الوجوب على تقدير عدم حصول الشرط، و مقتضى عدم تقييد الهيئة هو ثبوت الوجوب وجد هذا القيد أم لم يوجد.
وبعبارة أخرى: مقتضى التعليل عدم استحقاق العقوبة على تقدير عدم الواجب بترك القيد المذكور إذا كان اختياريا، ومقتضى إطلاق الوجوب وتقييد الواجب أنه واجب سواء وجد أم لم يوجد نعم، إذا كان غير اختياري لا يستحق عقوبة على تقدير عدمه، هذا مضافا إلى أن تقييد