الامر إليه حتى يلزم الاشكال.
والحاصل: أن كل ما كان من الاجزاء والشرائط حاصلا قبل داعوية الامر إليه، أو يحصل بنفس داعويته إلى سائر الأجزاء، فهو مما لا يحتاج في حصوله إلى دعوة الامر إليه ولا محالة تنحصر دعوته في غيره. إن قلت بعد اللتيا والتي فإشكال الدور الوارد في مقام الامتثال بحاله، فإن داعوية الامر تتوقف على كون المدعو إليه منطبقا على عنوان المأمور به ومصداقا له، والمفروض فيما نحن فيه أن مصداقيته للمأمور به أيضا تتوقف على داعوية الامر إليه.
قلت: أما أولا: فلا يعتبر في داعوية الامر كون المدعو إليه قبل الداعوية منطبقا على عنوان المأمور به، وإنما المعتبر فيها هو كونه منطبقا عليه ولو بعد داعوية الامر، وهاهنا كذلك، أما بناء على قيدية داعوية الامر فواضح، فان وجود المقيد بعين وجود المطلق الذي في ضمنه، وعلى هذا فنفس المدعو إليه يصير منطبقا على عنوان المأمور به، وأما بناء على جزئيتها فلا إشكال أيضا فان المدعو إليه حينئذ وإن لم يكن عين المأمور به وجودا، لكنه يلازمه في الوجود كما عرفت.
وأما ثانيا: فإنا لا نسلم كون داعوية الامر متوقفة على كون المدعو إليه منطبقا على عنوان المأمور به، ولو بعد الداعوية أيضا، لما عرفت من أن الامر كما يدعو إلى المتعلق يدعو أيضا إلى كل ماله دخل في وجوده وتحققه، وإذا كان المأمور به شيئا لا يمكن دعوة الامر إليه بجميع أجزائه وقيوده كما فيما نحن فيه، ولكن كانت دعوة الامر إلى بعض أجزائه وإتيانه بهذا الداعي ملازمة لتحصل المأمور به بجميع ما يعتبر فيه، فلا محالة يصير الامر المتعلق بالكل داعيا إلى ما يمكن دعوته إليه من الاجزاء.
والحاصل: أن كل واحد من المكلفين بعد ما وجد في نفسه أحد الدواعي والملكات القلبية المقتضية لإطاعة المولى وموافقته، وصار باعتبار ذلك متهيئا منتظرا لصدور أمر من قبل مولاه حتى يمتثله، إذا عثر على أمر المولى بالصلاة بداعي الامر مثلا فلا محالة يصير بصدد إيجاد متعلقه في الخارج بأي نحو كان، وحينئذ فإذا رأى أن إيجاد الاجزاء التي يمكن دعوة الامر إليها في الخارج بداعوية الامر المتعلق بالكل يلازم وجود المأمور به بجميع أجزائه وشرائطه قهرا، فلا محالة تنقدح في نفسه إرادة إتيان هذه الاجزاء ويصير الامر بالكل داعيا إليها، وبإتيانها يتحقق الامتثال والقرب إلى المولى أيضا.
فإن الملاك في المقربية على ما عرفت هو استناد الفعل إلى الملكات والدواعي القلبية التي أشرنا إليها في المقدمة الأولى، و المفروض فيما نحن فيه إتيان الاجزاء بإرادة