فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٥٧
فتأمل (1).
الوجه الثاني: هو ما أفاده الشيخ - قدس سره - ومن التمسك باطلاقات أدلة المحرمات. وتقريب الاستدلال بها: هو أنه لا إشكال في إطلاق ما دل على حرمة شرب الخمر مثلا وشموله لكلتا صورتي الابتلاء به وعدمه (2) والقدر الثابت من
(١) وجهه: أنه يلزم على هذا وجوب الاجتناب عن أحد طرفي المعلوم بالاجمال مع العلم بخروج الآخر عن مورد الابتلاء، للعلم بتحقق الملاك أيضا في أحد الطرفين، لأن المفروض أنه لا دخل للابتلاء وعدمه في الملاك، فلو كان العلم بثبوت الملاك يقتضي وجوب الاجتناب عن أحد الطرفين مع الشك في خروج الآخر عن مورد الابتلاء فليقتض ذلك أيضا مع العلم بخروج أحدهما عن مورد الابتلاء، مع أنه قد تقدم أن خروج بعض الأطرف يقتضي عدم وجوب الاجتناب عن الآخر.
والسر في ذلك: هو أن مجرد وجود الملاك لا يكفي في حكم العقل بوجوب رعايته ما لم يكن تاما في الملاكية ولم يعلم أن الملاك في الخارج عن مورد الابتلاء يكون تاما في ملاكيته. وعليه لا فرق بين المتيقن خروجه عن مورد الابتلاء والمشكوك خروجه عنه في عدم وجوب الاجتناب عن الآخر. وشيخنا الأستاذ - مد ظله - قد أسقط الوجه الأول عن الاعتبار بعدما كان بانيا عليه لما أوردت عليه النقض المذكور (منه).
(2) أقول: قد يستشكل بأن القدرة العادية كالعقلية كما هو شرط للخطاب الواقعي كذلك هو شرط في إيجاب التعبد به ظاهرا، وحينئذ فكما أن الخطاب الواقعي مشكوك كذلك الخطاب الظاهري الدال على إيجاب التعبد به أيضا مشكوك، ولذا نقول بعدم حجية الخبر الواحد أو الظاهر في الخارج عن محل الابتلاء، كما هو الشأن في مفاد الأصول، ومع هذا الشك من أين يحرز صحة الخطاب كي يثبت به فعلية الحكم الواقعي؟.
وبعبارة أخرى: مرجع حجية شئ إلى جعله طريقا إلى الواقع مقدمة للعمل، ومع الشك في الأثر العملي لا يبقى مجال للقطع بحجيته، ومع الشك في حجيته كيف يجوز التمسك لاثبات فعلية الحكم الواقعي؟ وإلى هذا البيان نظر استاذنا العلامة في كفايته، حيث منع في المقام قابلية المورد للاطلاق، ومرامه قابلية المحل لحجية الاطلاق عند عدم التقيد بشئ، لا أن الغرض عدم قابلية الواقع للاطلاق، كي يجاب بأن شأن إطلاق الخطاب إثبات هذا المعنى، فتدبر، فان سوء التعبير ربما يوقع الطرف في الوهم.