ذي المقدمة علة للحكم لا حكمة للتشريع، فوجوب التعلم والاحتياط يكون من هذه الجهة كوجوب المقدمة، وإن كان يفترق من جهة أخرى وهي: أن وجوب المقدمة يترشح من وجوب ذيها، بخلاف وجوب التعلم والاحتياط، وقد تقدم شطر من الكلام في ذلك في مبحث الظن.
وبما ذكرنا ظهر ضعف ما ينسب إلى المدارك: من كون العقاب على نفس ترك التعلم، فان المستتبع للعقاب إنما هو ترك الواجب النفسي لا ترك الواجب الطريقي. ويتلو ذلك في الضعف ما ينسب إلى المشهور: من كون العقاب على ترك الواقع لا على ترك التعلم، فان العقاب على الواقع المجهول قبيح وإيجاب التعلم لا يخرجه عن الجهالة.
فالأقوى: أن يكون العقاب على ترك التعلم المؤدي إلى ترك الواقع، لا على ترك التعلم وإن لم يؤد إلى ذلك لينافي وجوبه الطريقي، ولا على ترك الواقع لينافي جهالته، فتأمل جيدا.
الجهة الثالثة:
في صحة العمل المأتي به في حال الجهل وفساده.
ومقتضى أصول المخطئة أن يكون المدار في الصحة والفساد على موافقة العمل للواقع ومخالفته، لا على موافقته للطريق المنصوب ومخالفته.
وعلى هذا لو وافق عمل الجاهل التارك للفحص للواقع كان مجزيا، ويترتب عليه الأثر المقصود منه، سواء في ذلك العبادات والمعاملات وإن خالف الطريق المنصوب.
ولو خالف عمله للواقع لم يجز ولا يترتب عليه الأثر المقصود منه وإن وافق الطريق المنصوب، غايته أنه لو أوقع العمل عن استناد إلى الطريق كان معذورا ما دام الطريق قائما عنده، ولا يكفي في المعذورية مجرد