ولا يلزم من ذلك صحة العمل عند زوال صفة الجهل، لما عرفت: من أنه بالعلم يتبدل الاستقلالي النفسي إلى الغيري القيدي، فيصح العمل من الجاهل ولا يصح من العالم.
وتوهم: أنه كيف يمكن تبدل وصف الاستقلالية إلى الغيرية مع وضوح التنافي بين الوصفين فاسد، فان التنافي بينهما يمنع عن اجتماعهما في محل واحد، وليس المدعى هذا، بل المدعى أن زوال صفة الجهل بالحكم يوجب زوال وصف الاستقلالية عن وجوب الجهر أو الاخفات والتلبس بوصف الغيرية، هذا مع بقاء ملاك الاستقلالية، لان التنافي إنما هو بين وصف الاستقلالية والغيرية، لا بين الملاكين.
والحاصل: أن وصف الاستقلالية والغيرية كوصف الوجوب والاستحباب مما لا يمكن أن يجتمعا، لتنافيهما ذاتا، إلا أنه يمكن أن يطرء على الاستقلالية ملاك الغيرية، فيكون الشئ واجبا بالغير بعدما كان واجبا بالاستقلال، وتندك جهة الاستقلالية في الجهة الغيرية (1) كما تندك جهة الاستحباب في جهة الوجوب.