فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٤
شائبة النفسية والاستقلالية، بل الغرض من إيجاب التعلم مجرد الوصول إلى الاحكام والعمل على طبقها، ومن إيجاب الاحتياط التحرز عن مخالفة الواقع، من دون أن يكون للتعلم والاحتياط جهة موجبة لحسنهما الذاتي المستتبع للخطاب المولوي النفسي، بل الخطاب المتعلق بهما يكون لمحض الطريقية، ووجوبهما يكون للغير لا نفسيا ولا بالغير (1).
فان قلت: الوجوب للغير لا ينافي الوجوب النفسي، فان غالب الواجبات النفسية يكون وجوبها للغير بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد.
قلت: الغير الذي يجب الشئ لأجله يختلف، فتارة: يكون هو ملاكات الاحكام التي اقتضت وجوب الشئ، وأخرى: يكون هو الخطابات الواقعية.
ففي الأول: لا يدور وجوب الشئ مدار وجود الملاك، بل الملاك يكون حكمة لتشريع وجوب الشئ، كاختلاط المياه في وجوب العدة على النساء.
وفي الثاني: يدور وجوب الشئ مدار وجود الخطاب الواقعي ويكون علة للحكم لا حكمة للتشريع، كوجوب ذي المقدمة بالنسبة إلى وجوب المقدمة، فان وجوبها يدور مدار وجوب ذيها.
والخطابات الواقعية بالنسبة إلى وجوب التعلم والاحتياط تكون كوجوب

(1) أقول: إذا لم يكن العلم المزبور إلا دخيلا في تحصيل الجزم بالامتثال لا نفسه، فلا يكون إلا واجبا عقليا محضا، وذلك أيضا كان تخييريا بينه وبين الاحتياط، كما في التوصليات بمختاره، ومرجعه إلى حكم العقل بالبرائة اليقينية عند الاشتغال بحكم، وهو لا يحصل إلا بالاحتياط أو الفحص، بل ولئن دققت النظر ترى حكم العقل بتحصيل الجزم المزبور أيضا إرشاديا إلى الفرار عن العقوبة المحتملة مهما أمكن، لا نفسيا ولا طريقيا. نعم: بالنسبة إلى العمل بأدلة الاحكام أو أصولها النافية شرطي من جهة عدم حجيتها قبل الفحص، فالفحص شرط لحجية الأدلة، كما لا يخفى. ومن هنا ظهر أن العقاب أيضا لا يترتب إلا على نفس الواقع بلا دخل للعلم فيه، ولعمري! ان ما اختاره أردء المذاهب. نعم:
في مورد كان للعلم دخل في القدرة - كما أشرنا إليه سابقا - كان حال التعلم حال المقدمات المفوتة، كما أشرنا، فتدبر.
(٢٨٤)
مفاتيح البحث: الوجوب (8)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست