اختلاف أثر عدم نقض اليقين بعدالة زيد مع أثر عدم نقض اليقين بقيام بكر.
والحاصل: أن اليقين بوجود الشئ في زمان مع تبدله إلى الشك في الوجود واليقين بوجود الشئ في زمان مع انحفاظه في زمان الشك فردان من اليقين يعمهما قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك ".
هذا، ولكن لا يخفى عليك ما في هذا التقريب من الضعف، فان اليقين في القاعدة ليس فردا مغايرا لليقين في باب الاستصحاب، لان تغاير أفراد اليقين إنما يكون بتغاير متعلقاته - كاليقين بعدالة زيد وقيام بكر - وإلا فاليقين من حيث نفسه لا يتعدد، ومتعلق اليقين في القاعدة والاستصحاب غير متعدد، لان متعلق اليقين في كل منهما هو عدالة زيد، وعدم انحفاظ اليقين في القاعدة وانحفاظه في الاستصحاب لا يوجب أن يكون اليقين في أحدهما فردا مغايرا لليقين في الآخر، فان الانحفاظ وعدمه من الطوارئ اللاحقة لليقين بعد وجوده، وذلك لا يقتضي تعدد أفراد اليقين مع وحدة المتعلق، بداهة أن تعدد أفراد الطبيعة الواحدة إنما يكون لأجل اختلاف المشخصات الفردية حال وجود الافراد، فلابد وأن يكون لكل فرد خصوصية حال وجوده يمتاز بها عن الفرد الآخر.
ومن المعلوم: أن اليقين في القاعدة ليس له خصوصية حال وجوده يمتاز بها عن اليقين في الاستصحاب، بل الخصوصية إنما تلحق به بعد وجوده، والخصوصية اللاحقة بعد الوجود لا تكون من الخصوصيات المفردة. فتوهم: أن اليقين في القاعدة فرد مغاير لليقين في الاستصحاب ويكون العموم الافرادي لليقين في قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " شاملا لهما، ضعيف غايته.
نعم: لا بأس بتوهم شمول إطلاق قوله: " لا تنقض " لهما، بتقريب: أن الشك اللاحق في القاعدة وفي الاستصحاب إنما يكون من الأحوال والطواري