في إثبات اللوازم إلى كون الامارة حاكية عنها، بل إثباتها إنما يكون من جهة إحراز الملزوم، كما لو أحرز الملزوم بالعلم الوجداني، فإنه لا يكاد يشك في إثبات العلم لجميع ما يقتضيه المعلوم بوجوده الواقعي: من اللوازم والملزومات والعلل والمعلولات، والامارة الظنية بعد اعتبارها يكون حالها حال العلم.
نعم: بين الامارة والعلم فرق، وهو أن العلم لما كان لا تناله يد التعبد الشرعي، فلا يتوقف إثباته للوازم والملزومات على أن يكون في سلسلتها أثر شرعي، بخلاف الامارة، فإنه لابد فيها من أن ينتهي الامر - ولو بألف واسطة - إلى أثر شرعي، حتى لا يلزم لغوية التعبد بها.
والحاصل: أنه كما أن الشئ بوجوده الواقعي يلازم وجود اللوازم والملزومات والعلل والمعلولات، كذلك إحراز الشئ يلازم إحراز اللوازم والملزومات والعلل والمعلولات عند الالتفات إليها، وبعدما كانت الامارة الظنية محرزة للمؤدى فيترتب عليه جميع ما يترتب عليه من الآثار الشرعية ولو بألف واسطة عقلية أو عادية، فظهر: أن السر في اعتبار مثبتات الامارات هو أن المجعول فيها معنى يقتضي ذلك.
وأما الأصول العملية: فلما كان المجعول فيها مجرد تطبيق العمل على المؤدى بلا توسيط الاحراز، فهو لا يقتضي أزيد من إثبات نفس المؤدى أو ما يترتب عليه من الحكم الشرعي بلا واسطة عقلية أو عادية، فإنه لابد من الاقتصار على ما هو المتعبد به، والمتعبد به في الأصول العملية مجرد تطبيق العمل على مؤدى الأصل، والمؤدى إن كان حكما شرعيا فهو المتعبد به،