الشارع قد أضاف إلى ما بيد العرف بعض المصاديق - كنجاسة الخمر - مع أنه مما لا يستقذر منه العرف، إلا أن هذا لا يقتضي عدم كون الطهارة والنجاسة من الأمور الاعتبارية العرفية، فان الشارع كثيرا ما يخطئ العرف في المصداق مع كون المفهوم عرفيا.
وبالجملة: بعد لم يظهر لنا فرق بين الطهارة والنجاسة وبين الملكية والزوجية، فان في باب الطهارة والنجاسة أمور ثلاثة: الأول: مفهوم الطهارة والنجاسة. الثاني: ما ينطبق عليه المفهوم وما هو المعروض للطهارة والنجاسة، كالمؤمن والكافر والبول والماء. الثالث: حكم الشارع بجواز استعمال الطاهر وحرمة استعمال النجس (1).
أما الأول: فهو كسائر المفاهيم العرفية والاعتبارات العقلائية، كالملكية والزوجية والرقية.
وأما الثاني: فهو عبارة عن المصداق الذي ينطبق عليه المفهوم، كمصاديق الملكية والزوجية، غايته أن تطبيق المفهوم على المصداق تارة: مما يدركه العرف، وأخرى لا يدركه إلا العالم بالواقعيات، كما إذا لم يدرك العرف أن العقد الكذائي يكون سببا للملكية، إلا أن الشارع يرى تحقق الملكية عقيب العقد، فتكون الملكية الحاصلة عقيب ذلك العقد من مصاديق الملكية الاعتبارية العرفية.
وأما الثالث: فحكم الشارع بجواز استعمال الطاهر وحرمة استعمال النجس ليس إلا كحكمه بجواز التصرف في الملك وحرمة أكل المال بالباطل.
فظهر: أنه لا فرق بين الطهارة والنجاسة وبين سائر الاعتبارات العرفية.
فالأقوى: أن الطهارة والنجاسة من الأحكام الوضعية وليسا من الأمور