بين القول بالتخيير في المسألة الفقهية والقول بالتخيير في المسألة الأصولية.
وحاصل ما أفاده في وجه التفصيل - بتحرير منا - هو أن القول بالتخيير في المسألة الفقهية يرجع إلى سقوط كل من المتعارضين عن الحجية رأسا وفرض المسألة خالية عن الحجة، فيكون التخيير في تطبيق العمل على أحدهما من جهة عدم قيام الدليل على تعيين كيفية العمل وما هو وظيفة المكلف، ومع وجود العام الموافق لاحد المتعارضين لا يبقى مجال للتخيير في العمل، لان المسألة لم تخلو عن الحجة، لان العام حجة معين لكيفية العمل من دون أن يكون له مزاحم، لسقوط مزاحمه بالمعارضة، فلا محيص عن الرجوع إلى العام.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالتخيير في المسألة الأصولية، فان التخيير في المسألة الأصولية يرجع إلى التخيير في أخذ أحد المتعارضين حجة وجعله طريقا ووسطا لاثبات الواقع، كما إذا كان وحده ولم يكن له معارض، فالمسألة لم تخلو عن الحجة رأسا، بل لكل من المتعارضين حظ من الحجية ولو في صورة اختياره والاخذ به، فالمخصص يزاحم العام في الحجية ولو في الجملة (1) ولم يسقط عن الحجية رأسا، ومعه لا يبقى مجال للرجوع إلى العام، بل لابد من التخيير في الاخذ بأحد المتعارضين، لسقوط أصالة العموم عن الحجية، فتأمل، ولتفصيل الكلام محل آخر.