ثم قال (قدس سره): ويستفاد من التعليل المستفاد من قوله عليه السلام: " الله حبسه " وقوله: " وهذا من ما غلب الله عليه " عدم الفرق بين أن يكون العذر مرضا أو سفرا ضروريا أو حيضا أو اغماء أو غير ذلك.
أقول: جعل السفر الضروري من قبيل ما غلب الله عليه محل نظر. فإن الظاهر من هذا اللفظ أن المراد به ما كان من فعل الله تعالى به بحيث إنه ليس للعبد في ايقاعه صنع ولا مدخل بالكلية وأنه من ما فعله الله تعالى به من غير اختيار منه، والسفر وإن كان ضروريا ليس كذلك كما هو ظاهر.
ثم قال (قدس سره) لا يقال: قد روى الشيخ في الصحيح عن جميل ومحمد ابن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام (1) " في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض؟ قال يستقبل فإن زاد على الشهر الآخر يوما أو يومين بنى على ما بقي " وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال: " إن كان على الرجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الأول فإن عليه أن يعيد الصيام، وإن صام الشهر الأول وصام من الشهر الثاني شيئا فإنما عليه أن يقضي " لأنا نجيب عنهما بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وتأولهما الشيخ في الإستبصار أيضا بالحمل على المرض الذي لا يكون مانعا من الصوم وهو بعيد. انتهى.
أقول: لا ريب في بعد حمل الشيخ كما ذكره، وأبعد منه الحمل على الاستحباب كما هي القاعدة الجارية في كلامه وكلام غيره لما عرفت في غير موضع من ما سبق.
والأظهر عندي إنما هو الحمل على التقية التي هي السبب التام في اختلاف الأخبار وإن لم يعلم القائل بذلك من العامة كما تقدم تحقيقه في المقدمة الأولى من مقدمات الكتاب. على أن العلامة في المنتهى بعد نقل اجماع علمائنا على الحكم المذكور نقل