صحيحة الحلبي من أن التتابع الواجب إنما هو عبارة عن أن يصوم شهرا ومن الآخر شيئا، وهو ظاهر الروايتين الأخيرتين. وبالجملة فالقول المشهور هو المعتمد.
الثاني من وجب عليه صوم شهر متتابع بنذر ونحوه فصام خمسة عشر يوما ثم أفطر فإنه يصومه ويبني عليه ما تقدم وإن كان قبل ذلك استأنف.
والمستند في هذا التفصيل ما رواه الشيخ عن موسى بن بكر عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام (1) قال: " قال في رجل جعل على نفسه صوم شهر فصام خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر؟ فقال: جائز له أن يقضي ما بقي عليه، وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجز له حتى يصوم شهرا تاما ".
وما رواه في الكافي والفقيه عن موسى بن بكر عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام (2): " في رجل جعل عليه صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر؟ فقال: إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي وإن كان صام أقل من خمسة عشر يوما لم يجزئه حتى يصوم شهرا تاما ".
ولا أعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب إلا ما يظهر من السيد السند في المدارك قال فيه بعد نقل الخبرين المذكورين: وضعف الروايتين يمنع من العمل بهما.
وعلى نحوه حذا الفاضل الخراساني في الذخيرة.
أقول: لا ريب أن الخبرين المذكورين وإن كانا ضعيفين بهذا الاصطلاح المحدث إلا أنهما مجبوران باتفاق الأصحاب على العمل بمضمونهما فإنه لا راد لهما ولا مخالف في هذا الحكم غيرهما، مع أنهما في غير موضع من كتابيهما قد وافقا الأصحاب في هذه القاعدة كما لا يخفى على من تتبع كتابيهما، وقد نبهنا على مواضع من ذلك في شرحنا على المدارك، ولكنهما ليس لهما قاعدة يقفان عليها كما أشبعنا الكلام عليه في غير موضع من شرحنا المشار إليه.