وما رواه في الموثق عن أبي بصير (1) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سافر في رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه؟ قال: يقضيه أفضل أهل بيته " وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام (2) " في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت؟ قال: يقضي عنه. وإن امرأة حاضت في رمضان فماتت لم يقض عنها. والمريض في رمضان ولم يصح حتى مات لا يقضي عنه ".
وأنت خبير بما في هذه الأخبار من الصراحة في الدلالة، والظاهر أن من ذهب من أصحابنا إلى المشهور لم يقف على هذه الأخبار كملا، ولذلك أن شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد أن نقل عبارة المصنف وهي قوله: ولا يقضي الولي إلا ما تمكن الميت من قضائه فأهمله إلا ما يفوت بالسفر فإنه يقضي ولو مات مسافرا على رواية قال: هي رواية منصور بن حازم.. ثم ساق الرواية ثم قال بعد ما اختار القول المشهور: والرواية مع عدم صحة سندها يمكن حملها على الاستحباب أو الوجوب لكون السفر معصية وإن بعد. ولا يخفى ما فيه بعد ما عرفت.
وبالجملة فإن ظواهر الأخبار المذكورة هو وجوب القضاء عن المسافر مطلقا وتقييدها بالتمكن من القضاء مع كونه لا دليل عليه ينافيه ظاهر روايتي أبي حمزة ومحمد بن مسلم المشتملتين على السفر والطمث والمرض وأنه يقضي ما فات بالسفر خاصة دون ما فات بذينك الآخرين، وليس ذلك إلا مع عدم التمكن من القضاء إذ لا خلاف في أنه مع التمكن يجب القضاء في الطمث والمرض.
والظاهر أن بناء الحكم المذكور في الفرق بين الفائت بالسفر وغيره إنما هو من حيث إن عذر المرض والطمث من جهة الله (عز وجل) وهو أعذر لعبده كما ورد في جملة من أخبار الاغماء (3) وغيرها، وعذر السفر من قبل المكلف ويمكنه تركه والاتيان بالأداء فوجب القضاء عنه لذلك.