ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله " وثالثها من نذر يوما معينا وشرط في نذره أن يصوم سفرا وحضرا، وقد ذهب الشيخان وأتباعهما إلى أنه يصوم كذلك.
واستدل على ذلك بصحيحة علي بن مهزيار المتقدمة (1) وقوله فيها: " وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلا أن تكون نويت ذلك ".
ويشكل ذلك بما دلت عليه من صحة صوم النذر في المرض إذا نوى ذلك مع أنه لا قائل به والأخبار المتقدمة في عدم جواز صوم المريض صريحة في رده.
والظاهر أنه من أجل ذلك توقف المحقق في المعتبر فقال: ولمكان ضعف هذه الرواية جعلناه قولا مشهورا.
واعترضه السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة وغيرهما بأن الرواية صحيحة والاضمار الذي فيها غير ضائر وكذا جهالة الكاتب، قال في الذخيرة بعد ذكر ذلك: وما أدري لأي سبب ضعفها المحقق؟
أقول: لا يخفى أن هذا الاصطلاح الذي نوعوا عليه الأخبار إنما وقع بعد عصر المحقق في زمن العلامة (رضوان الله عليه) أو شيخه أحمد بن طاووس وإن كان قد تحدثوا به في زمانه كما يشير إليه كلامه في المعتبر إلا أن مراد المحقق كثيرا كما يفهم من عباراته من وصف الضعيف السند بأنه حسن والصحيح السند بأنه ضعيف إنما هو باعتبار المتن جريا علي الاصطلاح القديم كما لا يخفى على من تأمل كلامه، وقد أشرنا في مواضع من ما تقدم إلى ذلك، وهذه الرواية لما دلت على جواز صوم النذر في السفر إذا نوى ذلك في نذره مع استفاضة الأخبار بالنهي عنه في السفر مطلقا كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ودلت على جواز صوم المريض كذلك مع الاتفاق نصا وفتوى على عدم جوازه صار ذلك سببا في ضعفها وردها والتوقف فيها، إلا أن الحكم اتفاقي عندهم ولا مخالف فيه ظاهرا إلا ما يظهر من كلام المحقق (قدس سره).