ذلك، وبذلك صرح جملة من الأصحاب أيضا قال شيخنا الشهيد الثاني في الروض.
وليست الاستحالة مختصة بالنار بل هي مطهرة بنفسها ومن ثم طهرت النطفة والعلقة بصيرورتهما حيوانا والعذرة والميتة إذا صارا ترابا. وقال سبطه في المدارك في هذه المسألة: والمعتمد الطهارة لأنها الأصل في الأشياء، ولأن الحكم بالنجاسة معلق على الاسم فيزول بزواله. انتهى. وهو جيد. ونحن إنما ذكرنا النار في عداد المطهرات مع ما سيأتي إن شاء الله تعالى من عد الاستحالة جريا على كلامهم (رضوان الله عليهم) وبذلك يظهر أنه لا فرق بين الرماد والدخان في الحكم المذكور سيما مع دلالة ظاهر الخبر المذكور على ذلك، لأنه لا ريب أن الجص كما اختلط بتراب العذرة والعظام فقد لاقاه دخانها أيضا فلو لم يكن طاهرا لامتنع تجصيص المسجد به وجواز السجود عليه، هذا خلف، وبذلك يظهر أنه لا وجه لما ذكره الشيخ في المبسوط من حكمه بنجاسة دخان الدهن النجس ولا لتردد المحقق في الرماد والدهن في كتاب الأطعمة.
قال في المعالم بعد البحث في المسألة: إذا عرفت هذا فاعلم أن مورد الحديث كما علمت هو استحالة عين النجاسة وقد وقع في كلام أكثر الأصحاب فرض المسألة كما في النص، وعمم وبعضهم الحكم على وجه يتناول المتنجس أيضا نظرا إلى أن ثبوت ذلك في أعيان النجاسات يقتضي ثبوته في المتنجس بها بطريق أولى، وهو جيد ويؤيده ملاحظة ما قررناه في تطهير الشمس من كون دليل التنجيس في أمثال ذلك غالبا هو الاجماع وانتفاؤه بعد الاستحالة معلوم. انتهى. وظاهره أن ثبوت الطهارة في المسألة المذكورة بالنسبة إلى عين النجاسة بعد الاستحالة إنما هو بالاجماع مضافا إلى النص المذكور وأما في المتنجس فليس إلا طريق الأولوية المؤيدة بعدم الاجماع كما ذكره. وفيه نظر بل الحق في الموضعين هو ما قدمنا ذكره من تبعية الأحكام للتسمية التابعة للحقيقة التي عليها ذلك الشئ، وسيأتي في المسألة الآتية إن شاء الله تعالى مزيد ايضاح لذلك.
نعم هنا مواضع قد وقع الخلاف في طهارتها بالنار مع عدم الاستحالة أو الشك فيها