(عليه السلام) يقول إن الرجل منكم ليكون في المحلة فيحتج الله تعالى يوم القيامة على جيرانه به فيقال لهم ألم يكن فلان فيكم ألم تسمعوا كلامه ألم تسمعوا بكاءه في الليل؟
فيكون حجة الله عليهم " والتقريب فيهما هو الدلالة على أن الله عز وجل يحتج على الجهال وما يأتونه لجهلهم من عبادة وغيرها بالصلحاء الذين بين أظهرهم وعباداتهم ونسكهم فينبغي لهم الاقتداء بهم والسؤال والفحص منهم، ومنه يعلم أن الجهال متى علموا بوجوب الصلاة وأن لها شروطا مصححة وأمورا مبطلة في الجملة ورأوا المصلين وما هم عليه من القيام بالشروط المصححة واجتناب الأمور المبطلة فإنه يجب عليهم الفحص والسؤال عن تلك الأحكام والاقتداء بهم كما دلت عليه الأخبار المشار إليها آنفا، ويعضدها أيضا الأخبار المستفيضة بالأمر بالتثبت والتوقف عند الجهل بالحكم وعدم وجود من يسأل عنه كقول الصادق (عليه السلام) في رواية حمزة بن الطيار (1) " لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرفوكم فيه الحق.. الحديث " وأما من لم يصل إليه العلم بهذه الأشياء كمن نشأ في البادية مثلا وأخذ الصلاة من أمثاله من الجهال أو الرساتيق الغالب عليها الجهل وأمثالهم من النساء والبله فهؤلاء من القسم الأول كما لا يخفى.
أقول: وممن حام حول هذا التفصيل في معنى الجاهل ولكن لم يهتد للدخول فيه الفاضل المحقق الأردبيلي (قدس سره) في شرح الإرشاد حيث قال في هذا المقام: وإن كان جاهلا بالمسألة فقيل حكمه حكم العامد وفيه تأمل إذ الاجماع غير ظاهر والأخبار ليست صريحة في ذلك، والنهي الوارد بعدم الصلاة مع النجاسة أو الأمر الوارد بالصلاة مع الطهارة المستلزم له غير واصل إليه فلا يمكن الاستدلال بالنهي المفسد للعبادة لعدم علمه به فكيف يكون منهيا عنه؟ ولما هو المشهور من الخبر " الناس في سعة ما لم يعلموا أو مما لم يعلموا " (2)