فإذا كان كذلك فالاحتياط يوجب ما قلناه، فإن قال قائل بل الاحتياط يوجب الصلاة فيهما على الانفراد لأنه إذا صلى فيهما جميعا تبين وتيقن بعد فراغه من الصلاتين معا أنه قد صلى في ثوب طاهر، قلنا المؤثرات في وجوه الأفعال يجب أن تكون مقارنة لها لا متأخرة عنها والواجب عليه عند افتتاح كل فريضة أن يقطع على ثوبه بالطهارة وهذا يجوز عند افتتاح كل صلاة من الصلاتين أنه نجس ولا يعلم أنه طاهر عند افتتاح كل صلاة فلا يجوز أن يدخل في الصلاة إلا بعد العلم بطهارة ثوبه وبدنه ولا يجوز أن تكون صلاته موقوفة على أمر يظهر فيما بعد، وأيضا كون الصلاة واجبة وجه يقع عليه الصلاة فكيف يؤثر في هذا الوجه ما يأتي بعده ومن شأن المؤثر في وجوه الأفعال أن يكون مقارنا لها لا يتأخر عنها على ما بيناه. انتهى.
وفيه أنه مع كونه محض اجتهاد صريح في مقابلة النص الصحيح مردود بما ذكره جملة ممن تأخر عنه، أما ما ذكره من وجوب اقتران ما يؤثر في وجوه الأفعال فبالمنع لانتفاء ما يدل عليه. ثم لو سلم ذلك فنقول إنه مقيد بحال التمكن لا مطلقا. ثم مع تسليم هذا أيضا فيمكن أن يقال بحصول ذلك فإنه يقصد وجوب كل واحدة من الصلاتين فإن ستر العورة بالساتر الطاهر لما كان واجبا وكان تحصيله موقوفا على الاتيان بالصلاتين تعين فتكون الصلاتان واجبتين من باب المقدمة، قال في المختلف بعد حكمه بوجوب الصلاتين من باب المقدمة: وهو يعني ابن إدريس لم يتفطن لذلك وحسب أن إحدى الصلاتين واجبة دون الأخرى ثم يعلم المكلف بعد فعلهما أنه قد فعل الواجب في الجملة، وليس كذلك. وأما ما ذكره من أن الواجب عليه عند افتتاح كل فريضة أن يقطع بطهارة ثوبه فبالمنع من ذلك فإنه شرط مع القدرة لا مع الاشتباه، وإنما أوردنا لك كلامه بطوله وما ينبه على ضعف محصوله لتطلع على مزيد ضعف ما ذهب إليه وإلا فذكر جميع ذلك بعد ما عرفت من النص الواضح تطويل بغير طائل وتحصيل لغير حاصل.