وقد بينا ثمة أن الحكم في ذلك مختلف باختلاف الناس في أنسهم بالأحكام والتمييز بين الحلال والحرام وعدمه وقوة أفهاهم وعقولهم وعدمها، وبالجملة فتحقيق المسألة كما هو حقه قد تقدم في المقدمة المذكورة موضحا ومبرهنا عليه بالأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فليرجع إليه من أحب تحقيق الحال وإزاحة الاشكال، وأوضح منه وأبسط ما في كتابنا الدرر النجفية.
وبذلك يظهر أن الجاهل بالمعنى الأول لا إعادة عليه لا وقتا ولا خارجا لعدم توجه الخطاب إليه بالكلية نعم لو علم في الوقت لزمه الإعادة حيث إن وقت الخطاب باق وأما القضاء فلا لتوقفه على أمر جديد، وهذا هو الذي يتم فيه كلام صاحب المدارك وتفصيله، وأما الجاهل بالمعنى الثاني فتجب عليه الإعادة وقتا وخارجا وذلك لتوجه التكليف إليه وعدم ثبوت المعذورية بالجهل على هذا الوجه لأنه عالم في الجملة ويتمكن من الفحص والتحقيق في الأحكام كما يشير إليه قولهم في حجة المشهور: لأنه بعد أن وصل إليه وجوب الصلاة واشتراطها بأمور لزمه الفحص والتحقيق عما تصح معه وتفسد. فإنه جيد وجيه في الجاهل بهذا المعنى وعليه تدل الأخبار كصحيحة عبد الرحمان بن الحجاج وحسنة بريد الكناسي وصحيحة عبد الرحمان بن الحجاج الواردة في التزويج في العدة كما تقدم جميع ذلك في المقدمة المذكورة (1) ويزيدها تأكيدا ما رواه الكليني عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي عن أبيه (2) قال: " شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما ألقى من أهل بيتي من استخفافهم بالدين فقال يا إسماعيل لا تنكر ذلك من أهل بيتك فإن الله تبارك وتعالى جعل لكل أهل بيت حجة يحتج بها على أهل بيته في القيامة فيقال لهم ألم تروا فلانا فيكم ألم تروا هديه فيكم ألم تروا صلاته فيكم ألم تروا دينه فهلا اقتديتم به؟ فيكون حجة الله عليهم في القيامة " وعن معاوية بن عمار (3) قال: " سمعت أبا عبد الله