وصرح به جملة من المحققين من أن الاطلاق إنما ينصرف إلى الأفراد المتكثرة المتعارفة وبما ذكرنا أيضا يسقط كلام صاحب المعالم واعتراضه كلام المحقق حيث إنه حذا حذو صاحب المدارك في الإيراد عليه وأغرب في كلامه بما أسداه إليه، قال (قدس سره) بعد نقل كلام المعتبر: " ولي في كلامه ههنا تأمل لأن الاجماع الذي ادعاه على نجاسة البول والغائط من مطلق الحيوان غير المأكول أن كان على عمومه فهو الحجة في عدم التفرقة بين الطير وغيره. وإن كان مخصوصا بما عدا الطير فأين الأدلة العامة على نجاسة العذرة مما لا يؤكل؟ والحال إنا لم نقف في هذا الباب إلا على حسنة عبد الله بن سنان ولا ذكر أحد من الأصحاب الذين وصل إلينا كلامهم في احتجاجهم لهذا الحكم سواها، وهي - كما ترى - واردة في البول ولم يذكرها هو في بحثه للمسألة بل اقتصر على نقل الاجماع كما حكيناه عنه فلا ندري لفظ العذرة أين وقع معلقا عليه الحكم ليضطر إلى بيان مرادفة الخرء له ويجعلها دليلا على التسوية التي صار إليها؟ ما هذا إلا عجيب من مثل المحقق " انتهى.
وفيه ما عرفت من الأخبار التي قدمناها دالة على نجاسة العذرة الشاملة باطلاقها لعذرة الانسان وغيره مع أن صريح صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله اطلاق العذرة على فضلة غير الانسان، ومما يدل أيضا على اطلاق العذرة على فضلة غير الانسان رواية محمد بن مضارب المتقدمة، فانكاره وجود العذرة في الأخبار معلقا عليها الحكم لا وجه له بعدما عرفت. واحتمال حمل كلامه على منع العموم في تلك الأخبار مع بعده عن سياق كلامه مدفوع بما صرح به هو وغيره من أن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يدل على عموم المقال، مع أن المحقق ذهب إلى أن المفرد المحلي باللام في المقامات الخطابية حيث لا عهد يكون للعموم ويقوم مقام الألفاظ العامة. وهو في المعالم قد ساعد على ذلك وقال به وتبعه فيه، والحال أن ما نحن فيه كذلك حيث لا عهد فيكون للعموم، وحينئذ فلا عجب من المحقق فيما نسبه إليه إنما العجب منه (قدس سره) في تشنيعه. نعم يمكن