باعتزاله أو أمره باعتزالها، ولم يكن لأحدهما خلافه فيما يأمره به من ذلك، فإن خالفاه سقط خلافهما وكان تفريقه بينهما كافيا في التحريم ونائبا مناب لفظ الطلاق الموجب للافتراق (1).
وقال ابن إدريس: الذي يقوى في نفسي أنه إذا زوج الرجل عبده أمته فإن السيد لا يجب عليه أن يعطيها شيئا، وأن هذا الفعال من المولى إباحة للعبد فرج جاريته دون أن يكون ذلك عقد نكاح، وإن سمي تزويجا وعقدا فعلى طريق الاستعارة والمجاز، وكذلك تفريق المولى بينهما بأمر العبد باعتزالها أو يأمرها باعتزاله سمي طلاقا مجازا، لأنه لو كان طلاقا حقيقيا لروعي فيه أحكام الطلاق وألفاظه وشروطه، ولا كان يقع إلا أن يتلفظ به الزوج، لأن الرسول - عليه السلام - قال: (الطلاق بيد من أخذ بالساق) وهذا قد وقع ممن لم يأخذ بالساق وهو المولى، وهذا أدل دليل وأصدق قيل على أن هذا العقد والفعال من المولى إباحة للعبد وطء جاريته، لأنه لو كان عقد نكاح لروعي فيه الإيجاب والقبول من موجب وقابل، وكان يراعى ألفاظ ما ينعقد به النكاح ولأن العقد حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي (2).
والتحقيق أن نقول: أما إعطاؤه (3) الأمة فلا شك في استحبابه، لأنها ملك له فلا تستحق به على مالكها شيئا، وأما كون ذلك إباحة ففي مقام المنع، بل هو نكاح صريح، لأن العبد والأمة كلاهما محل قابل له.
ويؤيده ما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن الباقر - عليه السلام - في المملوك يكون لمولاه أو مولاته أمة فيريد أن يجمع بينهما أينكحه نكاحا أو يجزئه أن يقول: قد أنكحتك فلانا (4) ويعطي