للظالم من ديان يوم الدين ويل للظالم من المظلوم يوم القيامة ويل للظالم إذا وضع الكرسي للفصل يوم القيامة فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها حقه غير متعتع اه ومما ورد في فضل جعفر الحديث المروي عن أبي هريرة وألفاظه مختلفة. وقد رواه كل من ذكر أحوال جعفر ففي مقاتل الطالبيين بسنده عن عكرمة عن أبي هريرة قال ما ركب المطايا ولا الكور ولا انتعل ولا احتذى النعال أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب (ع) وروى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك باسنادهما عن عكرمة عن أبي هريرة ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا لبس الكور بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب قال الحاكم في المستدرك صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه اه في الطبقات ولا لبس الكور وفي المستدرك ولا ركب الكور وروى أحمد بن حنبل بسنده عن عكرمة عن أبي هريرة ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا لبس الثياب من رجل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب قال ابن كثير بعد نقله: وهذا اسناد جيد إلى أبي هريرة اه وفي الاستيعاب بسنده عن أبي هريرة: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطئ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب اه وهذا المتن الذي حكاه صاحب الاستيعاب أصحها لفظا والباقي لا يخلو من تكرير. قال ابن كثير في تاريخه بعد نقل رواية أحمد بن حنبل: وكأنه انما يفضله في الكرم فاما في الفضيلة الدينية فمعلوم ان فلانا وفلانا بل وعثمان أفضل منه واما اخوه علي فالظاهر أنهما متكافئان أو علي أفضل منه وانما أراد أبو هريرة تفضيله في الكرم بدليل ما رواه البخاري ثم ذكر الحديث المتقدم عن البخاري الذي في آخره وكان خير الناس للمساكين جعفر الخ.
(أقول): فضل جعفر اظهر من الشمس لا يحتاج فيه إلى شهادة أبي هريرة وأمثاله وكفاه قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشبهت خلقي وخلقي وقد هاجر الهجرتين وكانت له في هجرة الحبشة المقامات المشهودة وثباته يوم مؤتة مقابل مائتي الف من الروم والعرب حتى قطعت يداه ولم يترك الراية وحتى جرح ما يزيد على تسعين جراحة في مقدم بدنه فأي شهادة تعدل شهادته واي جهاد يماثل جهاده وأفضل الأعمال بعد الايمان الجهاد في سبيل الله وكيف يفضل عليه من لم يسمع له اثر في جهاد أو من فر يوم أحد ورجع بعد ثلاث. اما عدم مساواته لعلي (ع) في الفضل فلا يحتاج إلى بيان حتى يستظهر ابن كثير المساواة ثم يتردد وما حمله على ذلك الا جهله أو تجاهله بمقام علي (ع) ومنزلته، واما فلسفته الباردة ومنطقه المعكوس بأن أبا هريرة انما فضله في الكرم فلا يساعده لفظ ولو أراد ذلك أبو هريرة لقال أكرم بدل أفضل، اما جعله حديث لعق العكة شاهدا فلا شاهد فيه لأن كونه خير الناس للمساكين لا ينافي كونه أفضل الناس فيما سوى الكرم. انها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وروى الحاكم في المستدرك في حديث قصة بنت حمزة بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأنت من شجرتي التي انا منها قال قد رضيت يا رسول الله بذلك فكان أبو هريرة يقول ما أظلت الخضراء على وجه أحب إلي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جعفر بن أبي طالب لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشبهت خلقي وخلقي، هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه اه.
وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: قد روى كثير من المحدثين ان أمير المؤمنين (ع) عقيب يوم السقيفة تألم وتظلم واستنجد واستصرخ حيث ساموه الحضور والبيعة وانه قال وهو يشير إلى القبر يا ابن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني وانه قال وا جعفراه ولا جعفر لي اليوم وا حمزتاه ولا حمزة لي اليوم. وفي شرح النهج أيضا حكاية عن النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد العلوي نقيب البصرة في أثناء كلام له قال وقد كانت لجعفر خصائص ومناقب كثيرة، وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشبهت خلقي وخلقي فحجل فرحا، ثم قال لزيد أنت مولانا وصاحبنا فحجل أيضا، ثم قال لعلي أنت أخي وخالصتي قالوا فلم يحجل، قالوا: كأن ترادف التعظيم له وتكرره عليه لم يجعل عنده للقول ذلك الموضع وكان غيره إذا عظم عظم نادرا فيحسن موقعه عنده، واختلف الناس في اي المدحتين أعظم اه.
وفي الاستيعاب روى عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: كنت إذا سألت عمي عليا (ع) شيئا ويمنعني أقول له بحق جعفر فيعطيني اه.
مراثيه في مقاتل الطالبيين بسنده عن محمد بن إسحاق ان كعب بن مالك الأنصاري قال يرثي جعفر بن أبي طالب ومن استشهد معه، وزيد فيها في شرح النهج ثلاثة أبيات نقلا عن محمد بن إسحاق في كتاب المغازي:
هدت العيون ودمع عينك يهمل * متحاكما وكف الرباب المخضل وكأنما بين الجوانح والحشا * مما تأوبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا * قتلا بمؤتة اسندوا لم ينقلوا صلى الاله عليهم من فتية * وسقى عظامهم الغمام المسبل صبروا بمؤتة للاله نفوسهم * عند الحمام حفيظة ان ينكلوا ساروا امام المسلمين كأنهم * طود يقودهم الهزبر المشبل إذ يهتدون بجعفر ولوائه * قدام أولهم ونعم الأول حتى تقوضت (1) الصفوف وجعفر * حيث التقى جمع الغواة (2) مجدل فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل قوم علا بنيانهم من هاشم * فرع أشم وسؤدد متأثل (3) قوم بهم نظر الاله لخلقه * وبجدهم نصر النبي المرسل قوم بهم عصم الاله عباده * وعليهم نزل الكتاب المنزل بيض الوجوه ترى بطون أكفهم * تندى إذا اعتذر الزمان الممحل فضلوا المعاشر عفة وتكرما * وتغمدت أخلاقهم من يجهل وقال حسان بن ثابت فيما حكاه في شرح النهج عن محمد بن إسحاق في المغازي جعفرا وصاحبيه:
تأوبني ليل بيثرب أعسر * وهم إذا ما نوم الناس مسهر لذكرى حبيب هيجت لي عبرة * سفوحا وأسباب البكاء التذكر فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسياف المنية تقطر غداة غدوا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سيم الظلامة اصعر