قطعت يداه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقد أبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة ولذلك سمي الطيار اه وفي الاستيعاب عن الزبير بن بكار قاتل جعفر رحمه الله حتى قطعت يداه جميعا ثم قتل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء فمن هناك قيل له جعفر ذو الجناحين، ثم روى بسنده انه أرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم جعفر بن أبي طالب ذا جناحين مضرجا بالدم اه.
قال ابن إسحاق: وقاتل زيد حتى قتل طعنا بالرماح وقاتل عبد الله بن رواحة حتى قتل وانهزم المسلمون أسوأ هزيمة تراجعوا فاخذ اللواء ثابت بن أرقم ثم أعطاه خالد بن الوليد فحمل به ساعة وجعل المشركون يحملون عليه حتى دهمه منهم بشر كثير فانحاز بالمسلمين وانكشفوا راجعين، قال الواقدي: وقد روى أن خالدا ثبت والصحيح انه انهزم بالناس حتى عيروا بالفرار وتشاءم الناس به فلما سمع أهل المدينة بهم تلقوهم بالجرف فجعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون يا فرار أفررتم في سبيل الله حتى أن الرجل ينصرف إلى بيته وأهله فيدق عليهم فيأبون ان يفتحوا له وجلس الكبراء في بيوتهم استحياء من الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليسوا بالفرار ولكنهم كرار إن شاء الله اه وروى الواقدي بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه فأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد منأت (اي دبغت) أربعين منا من ادم وعجنت عجيني واخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا أسماء أين بنو جعفر فجئت بهم اليه فضمهم وشمهم ثم ذرفت عيناه فبكى، فقلت يا رسول الله لعله بلغك عن جعفر شئ، قال نعم انه قتل اليوم فقمت أصيح. واجتمع إلي النساء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا أسماء لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا ثم خرج حتى دخل على ابنته فاطمة وهي تقول: وا عماه، فقال: على مثل جعفر فلتبك الباكية. ثم قال اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا بأنفسهم اليوم.
وروى الواقدي بسنده عن عبد الله بن جعفر أنه قال: انا احفظ حين دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أمي فنعى إليها أبي فانظر اليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي وعيناه تهرقان بالدمع حتى قطرت لحيته ثم قال اللهم ان جعفرا قدم إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته، ثم قال يا أسماء الا أبشرك، قالت بلى بأبي وأمي قال فان الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة قالت بأبي وأمي فاعلم الناس ذلك. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقى على المنبر وأجلسني امامه على الدرجة السفلى وان الحزن ليعرف عليه فتكلم فقال إن المرء كبير بأخيه وابن عمه الا ان جعفرا قد استشهد وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة ثم نزل فدخل بيته وادخلني وأمر بطعام فصنع لنا وارسل إلى أخي فتغدينا عنده غداء طيبا، عمدت سلمى خادمته إلى شعير فطحنته ثم نشفته ثم أنضجته وآدمته بزيت وجعلت عليه فلفلا فتغديت انا وأخي معه وأقمنا عنده ثلاثة أيام ندور معه في بيوت نسائه ثم أرجعنا إلى بيتنا. وأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك وانا أساوم في شاة فقال اللهم بارك له في صفقته فوالله ما بعت شيئا ولا اشتريت الا بورك فيه اه وفي عمدة الطالب: حزن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقتل جعفر حزنا شديدا، اه وفي الطبقات الكبير لابن سعد بسنده عن عبد الله بن جعفر في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما استشهد جعفر امهل آل جعفر ثلاثا ان يأتيهم ثم اتاهم فقال لا تبكوا على أخي بعد اليوم ثم قال: ائتوني ببني أخي فجئ بنا كأنا أفراخ فقال ادعوا لي الحلاق فدعي فحلق رؤوسنا و قال اما محمد فشبيه عمنا أبي طالب واما عبد الله - وفي كتاب ابن معروف موضع عبد الله عون - فشبيه خلقي وخلقي ثم اخذ بيده فأشالها وقال اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ثلاث مرات، ثم جاءت امنا فذكرت يتمنا، فقال العيلة تخافين عليهم وانا وليهم في الدنيا والآخرة؟ (اه) وفيه بسنده عن عامر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قتل جعفر، اللهم اخلف جعفرا في أهله خير ما خلفت أو كأفضل ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين وفي رواية: اللهم ان جعفرا قد قدم إليك إلى أحسن الثواب فأخلفه في ذريته بخير ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين.
وقد ذكرنا في ترجمة أسماء انها تزوجت بعد جعفر بأبي بكر وبعد أبي بكر بعلي بن أبي طالب وفاتنا ان ننبه هناك على دقيقة وهي انه لم يتزوجها علي بعد شهادة أخيه جعفر وأولاد أخيه أولاده وذلك أن فاطمة الزهراء كانت يومئذ حية فلم يكن ليتزوج في حياتها فلما توفي أبو بكر كانت فاطمة قد توفيت فتزوج أسماء.
ما روي في فضل جعفر في شرح النهج لابن أبي الحديد وقد روي في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سادة أهل المحشر سادة أهل الدنيا انا وعلي وحسن وحسين وحمزة وجعفر. وفي مقاتل الطالبيين بسنده عن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس حمزة وجعفر وعلي صلوات الله عليهم أجمعين، اه وفي مقاتل الطالبيين بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلق الناس من أشجار شتى وخلقت انا وجعفر من طينة واحدة. وبسنده عن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن جده قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول الناس من شجر شتى وانا وجعفر من شجرة واحدة (وبسنده) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لجعفر اشبهت خلقي وخلقي اه (وبسنده) عن علي (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لجعفر بن أبي طالب اشبهت خلقي وخلقي (وفي رواية) انك شبيه خلقي وخلقي (وعن الزمخشري) في ربيع الأبرار: كان جعفر أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلقا وخلقا وكان الرجل يرى جعفر فيقول السلام عليك يا رسول الله يظنه إياه فيقول لست برسول الله انا جعفر اه.
وفي الدرجات الرفيعة روي عن علي بن يونس المدني قال: كنت عند مالك فإذا سفيان بن عيينة بالباب يستأذن فقال مالك رجل صاحب سنة أدخلوه فدخل فقال السلام عليكم ورحمة الله فردوا عليه السلام ثم قال سلامنا خاص وعام ثم قال السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته قال مالك وعليك السلام يا أبا محمد ورحمة الله وبركاته فصافحه مالك ثم قال يا أبا محمد لولا أنها بدعة لعانقناك فقال سفيان بن عيينة عانق خير منك ومنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال مالك جعفرا قال نعم ذاك حديث وما يخصه يخصنا فتأذن لي ان احدث في مجلسك قال نعم يا أبا محمد قال حدثني عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة اعتنقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل بين عينيه وقال جعفر أشبه الناس بي خلقا وخلقا يا جعفر ما أعجب ما رأيت بأرض الحبشة؟ قال يا رسول الله بينا انا امشي بين أزقتها إذا سوداء على رأسها مكتل فيه بر فصدمها رجل على دابته فوقع مكتلها وتنثر برها وأقبلت تجمعه من التراب وهي تقول ويل