وفي مستدركات الوسائل: في مجموعة شريفة كالتاريخ لبعض المعاصرين له من العلماء والظاهر أنها للفاضل الماهر المولى محمد مؤمن الجزائري صاحب طيف الخيال وخزانة الخيال وغيرهما قال ما لفظه: ثلم ثلمة في الدين بموت الشيخ الجليل والمولى النبيل الذي زاد به الدين رفعة فشاد دروس العلم بعد دروسها وأحيى موات العلم منه بهمة يلوح على الاسلام نور شموسها في تأله وتنسك وتعلق بالتقدس والتمسك وعفة وزهادة وصلاح وطد به مهاده وعمل زان به عمله ووقار حلى به حلمه وسخاء يخجل به البحار وخلق يزهو على نسائم الأسحار باهت به أعيان الأكابر العالم العامل الرباني الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني وكان ذلك في أواخر السنة الحادية والتسعين بعد الألف انتقل في عنفوان شبابه وقبل بلوغ نصابه إلى بلاد فارس الطيبة المفارع والمغارس وتوطن فيها بشيراز صينت عن الأعواز واشتغل على علمائها بالتحصيل وتهذيب النفس بالمعارف والتكميل حتى فاق أترابه وأقرانه فرقي من المكارم ذراها وبرع في الأصول والفروع فتمسك من المحامد بأوثق عراها ثم انتقل منها إلى حيدرآباد من البلاد الهندية لا برحت ارضها ما دامت السماوات والأرض مخضرة ندية ووفد على سلطانها عبد الله قطب شاه فاشتهر بها امره وعلا بمساعدة الجد ذكره فصار فيها رئيس الفضلاء وملجأ الأعاظم والأمراء فجمع الله له شمل الدين والدنيا و شيد أركانهما وشاد واخذ لسان حاله يتمثل بقول من أنشد وأجاد:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا * وأقبح الكفر والافلاس بالرجل وفد عليها والدي الماجد مد ظله سنة 1087 من الهجرة فأوصل اليه من السلطان الوفا وجعل ذلك في مسامع الفياضين وآذانهم قروطا وشنوفا حسب ما اقتضته القرابة القريبة اه وفي هذه العبارات فضلا عما حذفناه منها ما يخرجها عن حوزة البلاغة وفي لؤلؤة البحرين الشيخ الجليل جعفر ابن كمال الدين البحراني أخبرني والدي ان المترجم والشيخ صالح بن عبد الكريم الكرزكاني البحراني خرجا من البحرين لضيق المعيشة إلى بلاد شيراز وبقيا فيها برهة من الزمان وكانت مملوءة بالفضلاء الأعيان ثم إنهما اتفقا على أن يمضي أحدهما إلى الهند ويقيم الآخر في بلاد العجم فأيهما اثرى أولا أعان الآخر فسافر الشيخ جعفر إلى بلاد الهند واستوطن حيدرآباد وبقي الشيخ صالح في شيراز فكان من التوفيقات الربانية ان كلا منهما صار علما للعباد ومرجعا في تلك البلاد وانقادت لهما أزمة الأمور وحازا سعادة الدنيا والدين، وقد توفي الشيخ جعفر في حيدرآباد سنة 1088 وكان منهلا عذبا للوراد لا يرجع القاصد اليه الا بالمطلوب والمراد اه، وقال في الكشكول وبعد وقت يسير ارتفع شأن كل منهما في محله وصار هو المشار اليه بالبنان من بين من فيها من الاجلاء والأعيان ولنا اليهما طرق في الإجازة اه وفي أنوار البدرين العالم العامل الرباني العلامة الفهامة الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني كان من العلماء الأعلام والفقهاء الأجلاء الكرام أركان الايمان والاسلام ثم قال وهذا الشيخ الجليل من كبار العلماء العاملين وأساطين الملة والدين ومن جملة مشايخ السيد الجليل السيد نعمة الله الجزائري في شيراز ذكره في الأنوار النعمانية وكشكوله زهر الربيع ومن مشايخ السيد علي خان الشيرازي شارح الصحيفة ويعبر عنه في السلافة بشيخنا العلامة كثيرا اه وفي كشكول البحراني عن السيد نعمة الله الجزائري أنه قال في كتاب شرح غوالي اللآلي ان شيخنا صاحب التفسير الموسوم بنور الثقلين المشتمل على تفسير القرآن المجيد بالأحاديث وحدها لما ألفه في شيراز كنت اقرأ عنده في أصول الكافي فأتيت يوما إلى الأستاذ المحدث الشيخ جعفر البحراني فقلت له ان كان تفسير الشيخ عبد علي مفيدا نافعا استكتبته والا فلا، فأجابني ان هذا التفسير ما دام مؤلفه في الحياة فلا تعادل قيمته فلسا واحدا وإذا مات أول من يكتبه انا ثم انشد:
ترى الفتى ينكر فضل الفتى * ما دام حيا فإذا ما ذهب لج به الحرص على نكتة * يكتبها عنه بماء الذهب (أقول): هذه مبالغة فالكتب النفيسة تشتهر وتنتشر في حياة مؤلفيها كما هو مشاهد والتي بخلافها تهجر في حياتهم وبعد مماتهم، نعم لا شك ان للحسد الذي تضطرم ناره في الحياة وتخبو نوعا ما بعد الممات بعض التأثير في ذلك.
مشايخه في لؤلؤة البحرين يروي عن جملة من المشايخ منهم السيد نور الدين بن أبي الحسن العاملي أخي صاحب المدارك ومنهم الشيخ علي بن سليمان البحراني.
تلاميذه منهم السيد نعمة الله الجزائري قرأ عليه في شيراز والسيد علي خان صاحب السلافة كما مر وفي اللؤلؤة يروي عنه الشيخ سليمان بن علي بن أبي ظبية البحراني.
مؤلفاته قال الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين: لم أقف على شئ من المصنفات. ولكن في مستدركات الوسائل عن المجموعة الآنفة الذكر وله تصانيف شتى وتعليقات لا تحصى في علمي التفسير والحديث وعلوم العربية وغيرها إلى أن عد منها اللباب الذي أرسله إلى تلميذه السيد علي خان الشيرازي وجرى بينهما ابيات فيه اه.
مدايحه في لؤلؤة البحرين: وللشيخ عيسى بن صالح عم جدي الشيخ إبراهيم قصيدة في مدحه لما وفد عليه وأكرمه وهي في كتابنا الكشكول وقال في الكشكول انه وفد عليه إلى الهند ومدحه بقصيدة فأجازه جائزة سنية والقصيدة كما ترى ليست من جيد الشعر وأولها:
الهند بعد صلاة الليل في القدم (1) * يا ضيعة العمر بل يا زلة القدم وبعد تعفير خد وابتهال يد * بين الحطيم وبين الحجر والحرم وبعد ما عرفت واستشعرت ورمت * وآثرت في منى من أعظم النعم وبعد ما وقفت واستأذنت ودنت * من حجرة حل فيها أفضل الأمم وبعد ما عطرت بالعفو تربتها * في داره بين طواف ومستلم وبعد ما جددت عقد الولاء لمن * حل البقيع ونالت أوفر القسم قالت لدي حديث ان صغوت له * كفيت من خطرات الهم والألم اني لأوردك الكهف الذي قصرت * عن دون محتده الأملاك في القدم فقلت من ذا فقالت جعفر فغدا * يسوقني الشوق للمستكمل الشيم حتى أنخت بواديه الكريم فيا * بشرى لما وقف الرحمن في القسم