بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجراته مع بعض أزواجه ومعه مغازل يقلبها إذ بصر بعينين تطلعان، فقال: لو أعلم أنك تثبت لقمت حتى أنحسك، فقلت نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله بنا؟
فقال: إن خفي لك فافعله " ولعل المراد بالخفاء له عدم الاطلاع عليه كي لا يقاد به.
وفي خبر حماد (1) عنه أيضا " بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض حجراته إذ اطلع رجل من شق الباب وبيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدارة فقال له: لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك " إلى غير ذلك من النصوص، ولا ينافي ذلك أن حده القطع في غير الحال المزبور، إلا أنه لم أجد مصرحا بالعمل بها على الوجه المزبور، بل ستسمع من غير واحد ما يقضي بتقييد النصوص الأخيرة بما إذا لم يندفع بالزجر ونحوه وإلا كان ضامنا، وربما يأتي هناك نوع زيادة تحقيق للمسألة.
ولكن الذي يظهر منهم هنا وهناك أنه لا فرق بين دفاع المحارب واللص وغيرهما من الظالمين وإن اختلفت الحدود، إلا أن الجميع متحدة في كيفية الدفاع الذي ذكروا فيه التدرج فلاحظ وتأمل.
بل قد يقال بوجوب القصاص على من قتل المحارب بعد أن كف عنه وإن كان هو مفسدا ومن حده القتل، ولكن بناء على ما ذكرناه من التخيير لم يكن القتل متعينا، فلا يكون مباح الدم، نعم على القول الآخر والفرض أنه قتل يكون كذلك وإن أثم غير الحاكم بمباشرته،