ذلك، فلما قدم الكتاب كتب (عليه السلام) يضرب حتى يموت، فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء الاسلام ذلك، وقالوا: يا أمير المؤمنين اسأل عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم تجئ به سنة، فكتب إليه أن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا، وقالوا لم تجئ به سنة ولم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت، فكتب بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين، فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون، قال: فأمر به المتوكل فضرب حتى مات ".
بل عن المفيد أنه إن كان أسلم في ما بينه وبين الله عز وجل فسيعوضه الله على قتله بأكثر مما ناله من الألم به ويدخل الجنة، وإن كان إنما أراد دفع الحد عنه باظهار خلاف ما يبطن به من الكفر لم ينفعه ذلك وأقيم حد الله عليه ورغم أنفه وبطلت حيلته في دفع العذاب عنه.
قلت: قد يقال: إن ظاهر الخبر المزبور عدم سقوط القتل عنه بالاسلام عند إرادة إقامة الحد عليه كما هو مقتضى الاستدلال بالآية الكريمة بل لعله ظاهر في خصوص إرادة التخلص، وإطلاق الموثق السابق ظاهر أو منزل على غير الفرض.
أما إذا لم يكن كذلك بأن أسلم بعد أن كان ممتنعا عن ذلك على وجه يظهر كونه حقيقة فقد يقال بسقوط الحد عنه كما احتمله في كشف اللثام لأن الاسلام يجب ما قبله والاحتياط في الدماء، وفي كشف اللثام " وحينئذ يسقط عنه الحد رأسا ولا ينتقل إلى الجلد للأصل " لكن في الرياض " هو ضعيف في الغاية لكونه اجتهادا في مقابلة الرواية المعتبرة بفتوى هؤلاء الجماعة المؤيدة باستصحاب الحالة السابقة، وأضعف منه قوله: " في ما بعد، وحينئذ يسقط عنه الحد " إلى آخره لفحوى ما دل على عدم سقوط الحد مطلقا عن المسلم