عليه السلام عن الحد الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج قال: إذا أتى جمعا والناس بالمشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمر له، فإن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له، فإن شاء أقام، وإن شاء رجع وعليه الحج من قابل " بل قد يدل عليه أيضا قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبيين (1):
" إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج " وغيره بناء على انصراف الاختياري منها بل عن المفيد الأخبار بذلك متواترة، والرواية بالأجزاء نادرة.
ومنه مضافا إلى ما سمعت من محكي الاجماع وغيره يعلم ترجيح هذه النصوص على السابقة، خصوصا بعد احتمال جملة منها إرادة بيان أنه بذلك يدرك الموقف كما أومأ إليه صحيح معاوية بن عمار (2)، وحينئذ لا يكون دالا على الاجتزاء به مع فرض عدم ادراك غيره كما هو محل البحث، على أنها أجمعها من المطلق أو العام المقيد أو المخصص بهذه النصوص حتى صحيح ابن المغيرة، فإنه وإن اشتمل على فوات الموقفين إلا أنه يمكن إرادة الاختياريين منه دون الاضطراريين، ولا ينافي ذلك ما في هذه النصوص من عمومها لمن أدرك موقف عرفة أيضا بعد ما سمعت من الأدلة على تخصيصها به، وعلى كل حال فلا ريب في أن الرجحان بجانب هذه النصوص من وجوه، ومن الغريب ما في المدارك من ارتكاب التأويل فيها بإرادة نفي الكمال من نفي الحج فيها، وإرادة الندب من الأمر بالعمرة، بل ومن الأمر بالحج من قابل، مع أنك قد عرفت مرجوحية المعارض الذي لا جابر لضعيفه من وجوه كما عرفت.
ومن ذلك كله وما يأتي يظهر لك أن أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختيار والاضطرار ثمانية، ولو جعل الوقوف الليلي للمشعر قسما على حدة تصير أحد