الصفا والمروة إلا مع الاعياء، ولعله لقول الصادق عليه السلام في صحيح عبد الرحمان (1) " لا تجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد " المحمول على الكراهة بعد قصوره عن معارضة غيره من وجوه، منها ما قيل من اعتضاده بعموم ما دل على جواز السعي راكبا، فإنه ملازم للجلوس غالبا، وهو عام لحالتي الاختيار والاضطرار اجماعا، وإليه الإشارة في الصحيح (2) " عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة يجلس عليهما قال: أو ليس هو ذا يسعى على الدواب " وهو وإن كان مورده الجلوس عليهما ولا خلاف فيه إلا أن قوله عليه السلام " أو ليس " إلى آخره في قوة الجواب له بنعم مع تعليله بما يعم الجلوس بينهما، بل التعليل انسب بهذا، بل لعله حينئذ ظاهر في جوازه بينهما ولو لغير الاستراحة كما في السعي راكبا، وإن كان الظاهر كراهته حينئذ لما مضى، كل ذلك مع بناء الاستدلال بالصحيح على إرادة بلوغ منتهى الطاقة من الجهد، ويمكن منعه، والله العالم.
(ويلحق بهذا الباب مسائل: الأولى السعي ركن، من تركه عامدا بطل حجه) بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منهما صريحا وظاهرا مستفيض كالنصوص التي منها قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية (3): " من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل " مضافا إلى قاعدة عدم الاتيان بالمأمور به على وجهه، نعم يحكى عن أبي حنيفة أنه واجب غير ركن، فإذا تركه كان عليه دم، وعن أحمد في رواية أنه مستحب، ولا ريب في فسادهما لما عرفت، بل الظاهر عدم الفرق في ذلك بين العمرة والحج، وتحقق الترك على حسب ما سمعته في الطواف، بل الظاهر أيضا عدم الفرق بين تركه