ذلك لا في مثل هذه الأيام كما سمعته في النصوص السابقة، إذ هو أولى من حمل تلك على إرادة بيان الجواز لا رفع الكراهة، أو على إرادة إخراج ما يضحيه غيره دون أضحيته، ولكن الانصاف مع التدبر يقتضي الجمع بينها بالأول وإن تفاوتت الكراهة شدة وضعفا.
بقي الكلام فيما أشكل على بعض الناس من منافاة هذه النصوص لما اتفقوا عليه ظاهرا من استحباب التثليث في الأضحية المقتضي لعدم بقاء شئ في يده إلا الثلث الذي هو في يده له يتصرف فيه كيف شاء، مع أنه لا يزيد غالبا على مصرفه في ثلاثة أيام منى حتى ينهى عن إخراجه ثم يؤمر به ويعلل بوجود المستحق وعدمه، إذ لا يتعلق به حق المستحق بعد إخراج حق المستحقين اللهم إلا أن يحمل استحباب التثليث على صدر الاسلام من حيث قلة اللحوم وكثرة الناس، وأنه بعد ذلك سقط هذا الحكم لعدم من يتصدق به عليه ومن يهدي له بسبب كثرة اللحم وقلة الناس، فلا بأس باخراج اللحم وادخاره وعدم صرفه في ذلك المصرف الموظف، إلا أن هذا لا يلائم كلام الأصحاب لاتفاقهم على استحباب هذا الحكم في جميع الأعصار، وهو كما ترى من غرائب الكلام ضرورة عدم التنافي بين الاستحباب المزبور وكراهة الادخار والاخراج إذا لم يأت بالمستحب، أو في ثلاثة خاصة كما هو واضح.
(و) كيف كان ف (لا بأس باخراج ما يضحيه غيره) إذا كان قد أهدى إليه أو تصدق به عليه أو اشتراه ولو من أضحيته، للأصل بعد اختصاص الخبرين السابقين بأضحيته من حيث تضحيته لها، بما سمعته في الثاني منهما من قول أحمد، بل عن الشيخ حمل صحيح ابن مسلم (1) المشتمل على الإذن في الاخراج اليوم