الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى في الأرضين، محيي مدارس الشرع الباقي، ومرجع كل قريب وناء الحاج آقا حسين البروجردي الطباطبائي. [1] فهو (مد ظله) كان يحذف في أثناء تدريسه الزوائد و الحواشي، ويهم بالمسائل المهمة التي كثر الابتلاء بها، وكان يسلك في تنقيحها والوصول إلى الحق فيها، الصراط الأقوم، والمنهج الأتم، لا شرقية ولا غربية. وكنت أنا أيضا ممن يستضي بنور علمه، ويستفيد من بياناته الشافية، وتحقيقاته الكافية، وكنت أضبط بقدر فهمي ومبلغ استعدادي ما أستفيد من بياناته (مد ظله). فهذا الذي تراه هو ما استفدته من دروسه العالية، في المسائل الأصولية، جمعته ونظمته في سلك التحرير، وجعلته بصورة التقرير، وسميته (نهاية الأصول) أو بداية الوصول إلى الحق المأمول، ومن الله تعالى أسأل التوفيق، فإنه خير مسؤول.
وأقول مخاطبا من راجع كتابي هذا: إنه ربما كان لا يساعدني التوفيق لضبط بعض المطالب في بعض المباحث، وكان هذا هو السبب في تأخير نظم هذه الوجيزة ونشرها، ولكن قد التمس معني بعض من لا أحب مخالفته من الأصدقاء والاخوان بذل الجهد في نشر ما ضبط منها، فسنح لي وقتئذ أن الميسور يجب أن لا يترك بالمعسور، و ما لا يدرك كله لا يترك كله، فبادرت إلى ترتيب ما ضبط، فتصور بصورة تراها.
وأقول أيضا معتذرا: إنه لم يكن من عادتي ضبط كل درس بعد استفادته، بل كنت أصبر لضبط كل مبحث إلى أوان فراغه.
فلو خطر ببال بعض القراء والباحثين أن في بيان بعض المطالب و توضيحه نحو قصور واضطراب، فاستناده إلي أقرب من أن يسند إلى الأستاذ (مد ظله العالي).
نعم، مباني الأستاذ كلها كانت عالية، وبراهينه على إثبات مقاصده قوية، ولكنها في مقام التقرير تتنزل وتتقدر بقدر استفادة المقرر واستعداده، ولكني مع ذلك كله لم آل جهدا في تقرير مبانيه (مد ظله) وتبيينها، ليكون لي تذكرة ولغيري تبصرة.
وحيث كان هو (مد ظله) يراعي غالبا ترتيب الكفاية، فأنا أيضا أذكر عناوين المباحث على وفق ما فيها، ليتيسر للطالب ارتياد المسائل من مواردها، وعلى هذا فيكون كتابي هذا مشتملا على مقدمة ومقاصد.
[1] تجدر الإشارة إلى أن آية الله العظمى السيد البروجردي طاب ثراه انتقل إلى رحمة الله تعالى عام 1380 ه -