فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٨
فإنه لا فرق بين أن يتعلق النهي بالعبادة أولا وبالذات وبين أن يتعلق بشئ آخر يتحد مع العبادة وجودا، فيسري النهي منه إلى العبادة، وعلى هذا يكون حكم المانعية المنتزعة من النهي في باب اجتماع الأمر والنهي حكم المانعية المنتزعة من النهي في باب النهي عن العبادة، ويأتي فيها الكلام السابق: من أن المانعية معلولة للنهي أو لملاكه؟ فعلى الأول: لا تدخل في محل النزاع في المقام، وعلى الثاني: تدخل، بالبيان المتقدم. هذا إذا كان البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي عن المقام الأول.
وإن كان البحث فيها عن المقام الثاني، وهو أن وجود المندوحة هل يقتضي بقاء الاطلاق في كل من طرف الأمر والنهي؟ كما ذهب إليه بعض الاعلام، أو أن وجود المندوحة لا يقتضي ذلك؟ بل لابد من تقييد أحد الاطلاقين كما هو المختار، فان غائلة التكليف بما لا يطاق لا ترتفع بوجود المندوحة، كما أوضحناه في محله.
فعلى الأول: يخرج عن موضوع البحث في المقام، فان النهي لا يستتبع المانعية حتى يبحث عن أنها مقصورة بصورة التمكن أو تعم صورة التعذر أيضا؟.
وعلى الثاني: فان قلنا بتخصيص إطلاق النهي فلا كلام أيضا، لأنه في مورد الاجتماع لا نهي حتى يبحث عما يستتبعه من المانعية. وإن قلنا بتخصيص إطلاق الامر - كما هو الحق - فالنهي في مورد الاجتماع وإن كان يستتبع المانعية، إلا أن المانعية حينئذ تدور مدار وجود النهي وترتفع بارتفاعه باضطرار أو إكراه أو نحوها (1) ولا يتمشى فيها الكلام السابق: من أن المانعية

(1) أقول: بناء على عدم سراية الامر إلى مورد النهي - كما هو مبنى الكلام - فيصير المورد من قبيل المتضادين، فنتيجة تخصيص الامر بالنهي يقتضي سقوط الامر الفعلي، وأما مقام محبوبية العبادة فلا يكاد يسقط بالنهي عن عنوان آخر مجامع معه، وحينئذ فعلى التحقيق: من كفاية صرف محبوبية الشئ في التقريب العبادي، لا يوجب مثل هذا النهي الفعلي بطلان عبادته، فمن أين حينئذ مجال انتزاع المانعية عن مثل هذا النهي؟ كي يدور مدار وجوده.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست