وإجماله: أن الوصف العنواني الذي اخذ موضوعا في ظاهر الدليل تارة:
يكون تمام الموضوع للأثر الذي رتب عليه. وأخرى: يكون معرفا لما هو الموضوع من دون أن يكون له دخل في حقيقة الموضوع، واستظهار أحد الوجهين إنما يكون من الخارج أو من مناسبة الحكم والموضوع، فان مناسبة الحكم والموضوع في مثل " قلد المجتهد الحي " أو " أعط الزكاة للفقير " تقتضي أن يكون لوصف الاجتهاد والفقر دخل في جواز التقليد وإعطاء الزكاة ويكون هو الموضوع لذلك، بحيث يدور بقاء الموضوع وارتفاعه ببقاء الوصف العنواني وارتفاعه، كما أن مناسبة الحكم والموضوع في مثل نجاسة الماء المتغير تقتضي أن يكون الموضوع هو ذات الماء لا وصف التغير بل يكون الغير علة لعروض النجاسة على الماء، فلا يدور بقاء الموضوع مدار بقاء وصف التغير، بل الموضوع باق عرفا ولو زال التغير.
وقد يشك في دخل الوصف العنواني وعدمه، والاستصحاب إنما يجري فيما علم عدم مدخلية الوصف في الموضوع وكان منشأ الشك احتمال أن يكون التغير علة للحدوث والبقاء فيرتفع الحكم بارتفاع علته لا بارتفاع موضوعه، وأما إذا علم بأن للوصف العنواني دخلا في الموضوع أو شك في ذلك، فالاستصحاب لا يجري، للعلم بارتفاع الموضوع في الأول والشك في بقائه في الثاني، فلم يحرز اتحاد القضية المشكوكة للقضية المتيقنة. هذا إجماله وتفصيله موكول إلى محله.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه يصح التمسك بالقاعدة لما نحن فيه: من وجوب الباقي المتمكن منه عند تعذر بعض الشرائط والاجزاء التي لا تعد من الأركان، من غير فرق بين أن يكون لدليل القيد إطلاق أو لم يكن، إذ إطلاق دليل القيد لا يقتضي أزيد من ثبوت القيد حتى عند العجز عنه، وهذا لا ينافي قيام دليل آخر على وجوب الخالي عن القيد عند تعذره، إذ ليس لدليل القيد مفهوم ينفي الحكم عما عداه حتى يقع التعارض بينه وبين ما يدل على وجوب الباقي،