عما يعم الشروط، لاتحاد حكم الاجزاء والشروط، ولكن أفردنا البحث عن الشروط بفصل يخصها لنكتة يأتي التنبيه عليها (إن شاء الله تعالى).
وعلى كل حال: فقد اختلفت كلمات الأصحاب في جريان البراءة من وجوب الأكثر على أقوال ثلاثة، فقيل: بعدم جريان البراءة مطلقا، وقيل:
بجريان البراءة مطلقا، وقيل: بالتفصيل بين البراءة العقلية والشرعية، وهو الأقوى.
وأضعف الأقوال: هو الأول، فإنه لا وجه له إلا توهم: أن العلم الاجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر يقتضي عدم جريان الأصول الشرعية والعقلية النافية للتكليف في كل من طرف الأقل أو الأكثر، فلابد من الاحتياط بفعل الأكثر تحصيلا للعلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به، هذا ولكن سيأتي ما يظهر منه ضعف هذا الوجه.
وأما وجه القول الثاني: فليس هو أيضا إلا تخيل انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك البدوي في وجوب الأكثر، وهذا هو الذي اختاره الشيخ - قدس سره -.
وحاصل ما أفاده في وجه ذلك: هو أن المقتضي لجريان البراءة العقلية والشرعية عن وجوب الأكثر موجود والمانع عنه مفقود.
أما وجود المقتضي: فلان الموضوع لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ليس هو إلا الشك في التكليف النفسي المولوي الذي يستتبع مخالفته العقاب، وفيما نحن فيه يشك في تعلق التكليف بالأكثر، فالعقاب على تركه يكون بلا بيان، وكذا الموضوع في أدلة البراءة الشرعية هو الجهل بالحكم الواقعي، والمفروض في المقام هو الجهل بوجوب الأكثر، فيعمه حديث الرفع ونحوه من الأدلة الشرعية.
وأما فقد المانع: فلان المانع المتوهم في جريان البراءة في الأكثر ليس هو إلا العلم الاجمالي بتعلق التكليف بالأقل أو الأكثر، ولن ينحل العلم الاجمالي إلى