أما وروده على البراءة: فواضح، من جهة أن مبنى البراءة هو قبح العقاب بلا بيان، والاستصحاب يكون بيانا، فلا موضوع للبراءة مع الاستصحاب.
وأما وروده على قاعدة الاشتغال: فلان حكم العقل بوجوب الاحتياط بترك المشكوك فيه في الشبهات التحريمية وفعله في الشبهات الوجوبية إنما هو لأجل لزوم دفع الضرر المحتمل وحصول المؤمن عن تبعة مخالفة التكليف، وهذا يرتفع موضوعه بقيام الاستصحاب على نفي التكليف أو ثبوته في المشكوك.
أما في صورة قيامه على نفي التكليف فواضح، لعدم احتمال الضرر وحصول المؤمن حينئذ.
وأما في صورة قيامه على ثبوت التكليف، فلان استصحاب التكليف كالعلم به يكون محرزا للتكليف، ومعه لا يبقى موضوع لحكم العقل بالاحتياط، لان حكمه بذلك إنما يكون في ظرف عدم إحراز التكليف في المشكوك.
وبالجملة: لا إشكال في أن حكم العقل بالبراءة أو الاشتغال معلق على عدم ثبوت التكليف أو نفيه من الشارع ولو بالاستصحاب، وإلا لزم طرح الأصول الشرعية بالمرة، إذ ما من مورد إلا وينتهي الامر فيه بالآخرة إلى حكم العقل بالبراءة أو الاشتغال.
ومن الغريب! ما نسبه بعض من لا خبرة له إلى الشيخ - قدس سره - من القول بعدم جريان الاستصحاب في الموارد التي يستقل العقل فيها بالبراءة والاشتغال، مع أنه - قدس سره - قد صرح بخلاف ذلك في مواضع من الكتاب.