بقاء الفرد الحادث على ما هو عليه من الترديد (1) وهو يقتضي الحكم ببقاء الحادث على كل تقدير، سواء كان هو الفرد الباقي أو الفرد الزائل، وهذا ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير أن يكون هو الفرد الزائل، فاستصحاب الفرد المردد عند العلم بارتفاع أحد فردي الترديد مما لا مجال له.
نعم: لا مانع من استصحاب الكلي والقدر المشترك بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مقطوع البقاء، للشك في بقائه بعد العلم بحدوثه، ويثبت بذلك الآثار الشرعية المترتبة على نفس بقاء القدر المشترك، ولا تثبت الآثار المختصة بأحد الفردين إلا على القول بالأصل المثبت، ففي الحدث المردد بين الأصغر والأكبر يجري استصحاب بقاء الحدث عند الاتيان بأحد فردي الطهارة: من الوضوء أو الغسل، ويترتب عليه حرمة مس كتابة المصحف، لان حرمة المس من الاحكام المترتبة على نفس بقاء الحدث من دون أن يكون لخصوصية الأصغر والأكبر دخل في ذلك، لقوله تعالى: " لا يمسه إلا المطهرون " (2) وسيأتي توضيح ذلك في مبحث الاستصحاب (إن شاء الله تعالى).
والمقصود في المقام: مجرد بيان عدم جريان استصحاب الفرد المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد، كما ربما يختلج في البال، بل قيل به بتوهم: أن ارتفاع أحد الفردين يوجب الشك في بقاء الفرد الحادث، فيجري فيه