في ذي القرينة ولو كان ظهور القرينة أضعف من ظهور ذيها، كما يظهر ذلك من قياس ظهور " يرمي " في قولك: " رأيت أسدا يرمي " في رمي النبل على ظهور " أسد " في الحيوان المفترس، فإنه لا إشكال في كون ظهور " أسد " في الحيوان المفترس أقوى من ظهور " يرمي " في رمي النبل، لأنه بالوضع وذلك بالاطلاق، والظهور الوضعي أقوى من الظهور الاطلاقي، ومع ذلك لم يتأمل أحد في حكومة أصالة ظهور " يرمي " في رمي النبل على أصالة ظهور " أسد " في الحيوان المفترس " وليس ذلك إلا لأجل كون " يرمي " قرينة على التصرف في " أسد " ونسبة الخاص إلى العام كنسبة " يرمي " إلى " أسد ". فلا مجال للتوقف في تقديم ظهور الخاص في التخصيص على ظهور العام في العموم.
والشيخ - قدس سره - في المقام وإن عارض ظهور الخاص مع ظهور العام وحكم بأنه يؤخذ بأقوى الظهورين، إلا أنه لم يلتزم بذلك في شئ من المسائل الفقهية، فإنه لم يتفق في مورد عامل مع الخاص والعام معاملة التعارض، بل يقدم الخاص مطلقا على العام، سواء كان الخاص ظني السند والدلالة أو كان قطعي السند وظني الدلالة، غايته أنه في الأول يكون الخاص حاكما على العام من جهتين: من جهة السند ومن جهة الدلالة، وسيأتي لذلك مزيد توضيح (إن شاء الله تعالى).
وبذلك يندفع ما ربما يتوهم: من أن تقديم الخاص على العام لو كان بالحكومة فما الفرق بينها وبين التخصيص؟ فان التخصيص على هذا يرجع إلى الحكومة، فلا وجه للمقابلة بينهما.
بيان الدفع: هو أن المقابلة بينهما إنما يكون لمكان أن أحد الدليلين تارة:
يكون بنفسه حاكما على الآخر ولو كانت النسبة بينهما العموم من وجه.
وأخرى: يكون أحد الدليلين في حد نفسه معارضا للدليل الآخر، إلا أن أصالة الظهور فيه تكون حاكمة على أصالة الظهور في الآخر، كالعام والخاص، فان