هذا المعنى مدلول دليل آخر لا بلسان التخصيص والتقييد، كما لو قال عقيب قوله " أكرم العلماء ": " العالم هو غير النحوي " أو قال: " النحوي ليس عالما " كان قوله هذا حاكما على قوله: " أكرم العلماء " مع أنه ليس فيه شرح وتفسير لفظي، فتخصيص الحكومة بما يكون فيها شرح اللفظ بلا موجب، بل سيأتي في شرح عبارة الشيخ - قدس سره - ما يظهر منه جريان الحكومة فيما بين الأصول العقلائية التي لا مسرح للفظ فيها.
فالتحقيق: أنه لا يعتبر في الحكومة أزيد من أن يرجع مفاد أحد الدليلين إلى تصرف في عقد وضع الآخر بنحو من التصرف (1) إما بأن يكون مفاد أحدهما رافعا لموضوع الآخر في عالم التشريع، كما في حكومة الامارات على الأصول العملية وحكومة الأصول بعضها على بعض - على ما تقدم بيانه في خاتمة الاستصحاب - وإما بأن يكون مفاد أحدهما إدخال ما يكون خارجا عن موضوع الآخر أو إخراج ما يكون داخلا فيه. وقد يرجع مفاد أحد الدليلين إلى التصرف في عقد حمل الآخر لا في عقد وضعه، كأدلة نفي الضرر والعسر والحرج، فإنها تكون حاكمة على الاحكام الأولية، مع أنه لا يرجع مفادها إلى التصرف