الجاري قبل العمل، لأنه لا موضوع لها قبل العمل، ولما كان المكلف قبل الصلاة مستصحب الحدث يكون في حكم من دخل في الصلاة عالما بالحدث، فلا تجري في حقه قاعدة التجاوز.
ولا ينتقض ذلك بالوجه الأول، فان جريانها فيه ليس لأجل حكومتها على استصحاب الحدث الجاري قبل الصلاة، بل لأجل كون المكلف يحتمل الوضوء قبل الصلاة بعد استصحاب الحدث، ولا دافع لهذا الاحتمال إلا استصحاب الحدث المستصحب، وهذا الاستصحاب إنما يجري بعد الصلاة، فتكون القاعدة حاكمة عليه، وأين هذا مما إذا لم يحتمل الوضوء بعد استصحاب الحدث؟
فالفرق بين الوجهين مما لا يكاد يخفى.
بقي الكلام في حكم الوجه الثاني بكلا وجهيه والوجه الرابع.
أما الوجه الأول من الوجه الثاني: وهو ما إذا لم يعلم المكلف بعد الفراغ صورة العمل وكيفية وقوعه - كما إذا لم يعلم الجهة التي صلى نحوها، أو لم يعلم أنه حرك الخاتم في يده أو لم يحركه، أو لم يعلم مطابقة عمله لفتوى من يجب عليه تقليده، ونحو ذلك من الأمثلة - فمقتضى إطلاق قوله - عليه السلام - " كلما مضى من صلاتك وطهورك فامضه كما هو " عدم الاعتناء بالشك. ولكن مقتضى التعليل الوارد في بعض أخبار الوضوء وهو قوله - عليه السلام - " هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " عدم شمول القاعدة لمفروض الكلام، فان المفروض: أن المكلف دخل في العمل غفلة عن غير التفات، فلم يكن هو حين العمل أذكر من حين الشك. ولكن هذا مبني على كون التعليل لإفادة الكبرى الكلية ليكون علة للحكم فيدور الحكم مداره، وللمنع عن كونه علة للحكم مجال، بل لا يبعد أن يكون لبيان حكمة التشريع، لان الغالب كون المكلف حين العمل أذكر من حين الشك، فالتعليل ورد مورد الغالب، وفي مثله لا يستفاد منه الكبرى الكلية، فتأمل جيدا.