الطريقية والكاشفية لا من حيث كونه صفة قائمة في النفس، فيستفاد من الدليل - ولو بتنقيح المناط - أن الموضوع هو العنوان الكلي الأعم من الاحراز الوجداني والاحراز التعبدي، أي مطلق الكاشف والمحرز، سواء كان إحرازه وكشفه من مقتضيات ذاته بلا جعل جاعل أو بتتميم كشفه بجعل الشارع، فإنه لولا استفادة ذلك من الدليل الذي اخذ القطع موضوعا فيه لم يكن وجه لقيام الامارات والأصول المحرزة مقام القطع، فقيامها مقامه لا يمكن إلا بجعل الموضوع عنوانا كليا ينطبق على ما جعله الشارع محرزا، فيكون أخذ خصوص العلم في ظاهر الدليل لكونه من أحد مصاديق المحرز، لا لخصوصية فيه، وعلى هذا تستقيم دعوى: ورود الامارات على الأصول مطلقا وورود الأصول المحرزة على غيرها، فإنه بعد قيام الامارة على خلاف مؤدى الأصل يكون مؤدى الامارة محرزا ببركة التعبد بها وتتميم كشفها، فيكون من قامت عنده الامارة قد أحرز خلاف مؤدى الأصل، ويخرج مورد الامارة عن قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " ويندرج حقيقة في قوله: " بل تنقضه بيقين آخر " فتكون الامارة واردة على الأصل، لأنه لا يعتبر في الورود أزيد من كون المورد خارجا عن موضوع دليل المورود حقيقة، وبعد قيام الامارة على خلاف الأصل يكون مؤدى الامارة خارجا عن موضوع الأصل حقيقة، لأن المفروض: أن المراد من " اليقين " الذي اخذ غاية للتعبد بالأصل مطلق الاحراز.
وبذلك يظهر أيضا ورود الأصول المحرزة على غيرها، لأنه أيضا ببركة التعبد بالأصل المحرز يخرج المؤدى عن موضوع الأصل الغير المحرز حقيقة، فإنه قد أحرز خلافه، وذلك بعد البناء على أن الغاية للتعبد بالأصول مطلقا الاحراز واضح.
وهذا الوجه أحسن ما يمكن أن يقال في تقريب ورود الامارات على الأصول وورود الأصول المحرزة على غيرها.