ذلك، فان تشخيص المعنى من وظيفة العرف. هذا كله في المفاهيم الافرادية.
وأما الجمل التركيبية: فلابد فيها من اتباع نظر العرف فيما يستفاد منها، لان المعتبر في الجمل التركيبية هو ظهور الجملة في المعنى بحسب المحاورات العرفية، سواء وافق ظهور الجملة لظهور المفردات أو خالفه، فإنه لا عبرة بالظهورات الافرادية، بل المتبع هو الظهور النوعي للجملة. فلابد من الرجوع إلى المحاورات العرفية في تشخيص مدلول الجملة التركيبية، من غير فرق في ذلك بين القضايا الشرعية وغيرها، فكما يرجع إلى العرف فيما يستفاد من القضايا العرفية المستعملة في مقام إظهار مقاصدهم، كذلك يرجع إلى العرف فيما يستفاد من القضايا الشرعية المستعملة في مقام إظهار الاحكام الواقعية أو الظاهرية.
ومن جملة القضايا الشرعية قوله - عليه السلام - في أخبار الاستصحاب " لا تنقض اليقين بالشك " فإنه لابد من الرجوع إلى العرف في مفاد ذلك، لان صدق نقض اليقين بالشك وعدم صدقه إنما يكون أمرا عرفيا، فقد يكون رفع اليد عن اليقين السابق بالشك اللاحق نقضا لليقين بالشك عرفا، وقد لا يكون نقضا عرفا، وقد يشك أيضا في صدق النقض وعدمه.
وهذا الاختلاف إنما يشنأ من اختلاف الموضوعات والاحكام بحسب ما يراه العرف من مناسبة الحكم والموضوع، فان العناوين المأخوذة في موضوعات الاحكام تختلف.
فرب عنوان يكون بنظر العرف مقوما للموضوع لمناسبة الحكم والموضوع، فيدور الحكم مدار وجود العنوان، كقوله: " يجب إعطاء الزكاة للفقير " (1) وكقوله: " يجب تقليد المجتهد الحي " فان مناسبة الحكم والموضوع تقتضي أن يكون لعنوان الفقر والاجتهاد والحياة دخل في وجوب إعطاء الزكاة والتقليد،