خصوص الركعتين الأولتين، لكن لا بشرط عدم الزيادة، بل لا بشرط عن الزيادة، فلا تكون الركعتان الأخيرتان مانعتين عن صحة الصلاة، إلا أن العلم بالحكم يوجب الانقلاب ويصير الواجب على المسافر خصوص الركعتين الأولتين بشرط عدم الزيادة، فتصح الصلاة التامة عند الجهل بالحكم وتفسد عند العلم به.
ويبقى إشكال العقاب، ويمكن أن يكون العقاب لأجل ترك السلام بعد التشهد الثاني، بأن يكون أصل التسليم في الصلاة جزء لها، ولكن وقوعه عقيب التشهد الثاني واجب نفسي، فيكون المتمم في موضع القصر قد أخل بهذا الواجب النفسي، فيعاقب عليه مع صحة صلاته.
وهذا الوجه وإن كان في حد نفسه لا محذور فيه، إلا أنه لا يساعد عليه كلمات الأصحاب، بل لا ينطبق عليه بعض الفروع المتسالم عليها بينهم، فان الظاهر: تسالمهم على أن الجاهل لو نوى التمام وأتم صلاته بهذا العنوان صحت صلاته بعنوان ما نواها، وهذا لا يمكن إلا أن يكون المأمور به في هذا الحال هو الاتمام، إذ لو كان المأمور به في هذا الحال هو خصوص الركعتين الأولتين - ولولا بشرط عن الزيادة - كان اللازم هو فساد صلاة من نوى التمام، لعدم نية المأمور به. وكذا الظاهر: تسالمهم على أن الجاهل لو نوى القصر من باب الاتفاق وتمشى منه قصد التقرب وأتم الصلاة قصرا صحت صلاته، وهذا لا يستقيم إلا إذا كانت الصلاة المقصورة مأمورا بها ولو في حال الجهل بالحكم، فيلزم تعلق الامر بكل من الصلاة التامة والمقصورة مع استحقاق العقاب على ترك القصر.
هذا، ولكن مع الالتزام بذلك كله يمكن أيضا التفصي عن الاشكال، بأن يقال: إن الواجب على المسافر أحد الأمرين من القصر والتمام تخييرا، ولكن في القصر خصوصية تقتضي تعينه لا على وجه القيدية بل على وجه الوجوب النفسي، وبالعلم بالحكم تصير تلك الخصوصية قيدا للصلاة ومما لها دخل في